ولا يخرج من فيّ زور كلام ، ثمّ أكّد «يخرج» ب «خروجا» ، ثمّ وضع «خارجا» موضع «خروجا».
وقد زعم بعض النحويّين المتقدّمين أنّ «خارجا» حال على بابه (١) ، وجعل قوله «لا أشتم» حالا من قوله : «عاهدت» (٢) ، أي : عاهدت ربّي وأنا على هذه الحال (٣) ، ثم عطف الحال الأخرى التي هي «خارجا» ، فكأنّه قال : عاهدت ربّي في حال كوني غير شاتم وغير خارج من فيّ زور كلام.
والأوّل أظهر ، وهو قول سيبويه (٤) ، لأنّ الثاني إذا جعلته حالا كان المحلوف عليه غير مذكور [والقسم يبقى بلا جواب ، وجوابه «لا أشتم»](٥) ، وغرضه أن يبيّن أنّه عاهد على ما ذكره من نفي الشّتم ونفي قول الزّور ، ولا يستقيم هذا المعنى إذا جعل حالا ، لأنّ المعنى حينئذ أنا (٦) الآن على هذه الحالة ، فيجوز أن تكون المعاهدة عليه وعلى ضدّه وعلى غيرهما ، ألا ترى أنّه لو قال : عاهدت ربّي في هذا / الموضع في حال كوني الآن غير شاتم ولا قائلا زورا إني بعد ذلك لا أترك الشّتم لكان مستقيما في القول ، وكذلك لو قال : عاهدت ربّي وأنا في هذه الحالة على الصّوم والصّلاة أو غيرهما لكان مستقيما ، فدلّ ذلك على أنّ مقصود هذا القائل ذكر المعاهد (٧) عليه ، وأنّه ترك الشّتم وقول الزّور ، لا أنّه (٨) عاهد في هذه الحال على شيء لم (٩) يذكره ، فالوجه إذن مذهب سيبويه.
ثمّ مثّل بالمصادر الواقعة أحوالا ، وقد اختلف النحويّون في هذه المصادر على وجهين :
الوجه الأوّل : أنّ (١٠) هذه المصادر أنفسها استعملت بمعنى الحال ، أو هي على حذف مضاف.
__________________
(١) الذاهب إلى هذا الفراء وعيسى بن عمر ، انظر معاني القرآن للفراء : ٣ / ٢٠٨ والكامل للمبرد : ١ / ١٢٠ والمقتضب : ٣ / ٢٦٩ ـ ٢٧٠ ، ٤ / ٣١٣ ، والتعليقة على كتاب سيبويه للفارسي : ١ / ١٩٩.
(٢) وردت هذه الكلمة في بيت سابق للبيت الشاهد ، وهو :
ألم ترني عاهدت ربّي وإنّني |
لبين رتاج قائم ومقام |
ديوان الفرزدق : ٢ / ٢١٢. والرّتاج : الباب العظيم ، وقيل : الباب المغلق. اللسان (رتج).
(٣) بعدها في د : «أي غير شاتم».
(٤) وهو قول المبرد أيضا ، انظر الكتاب : ١ / ٣٦٤ والمقتضب : ٣ / ٢٦٩.
(٥) سقط من الأصل. ط. وأثبته عن د.
(٦) في د. ط : «حينئذ أي أنا» ، مقحمة.
(٧) في د : «المعاهدة» ، تحريف.
(٨) في ط : «لأنه» مكان «لا أنه» ، تحريف.
(٩) في ط : «لا».
(١٠) سقط من ط : «أن».