فلم تزل الكتائب تتراسل ، والرماح تحتمله ، حتى وصلوا إلى نزوى فأمر الإمام بحبسه ، فمكث سنة لا يقدر أحد يذكره ، ولا يسأل عن أمره ، حتى وصل جماعة من المهرة ، فاستعانوا على [الإمام](١) المهنا بن جيفر بوجوه اليحمد ، فأجابهم إلى إطلاقه ، وشرط عليهم ثلاث خصال : إما أن يرتحلوا من عمان ، وإما أن يأذنوا بالحرب ، وإما أن يحضروا الماشية كل حول إلى عسكر نزوى ، وتشهد على [م ٢٨١] حضورها العدول أنه لم يتخلف منها شيء ، وتعدل الشهود المعدلون بأدم (٢) فقالوا : أما الإرتحال فلا يمكننا ، وأما الحرب فلسنا نحارب الإمام ، وأما الإبل فنحن نحضرها ، فعند ذلك عدل الإمام الشهود ، وكانوا يحضرون إبلهم في كل سنة تدور.
وسمعت من يحكي أن هذه النقضة (٣) التي بقرية فرق ، بنيت في زمن المهنا ، علامة لبني المهرة ، ليحضروا إبلهم عندها ، والله أعلم.
ورجع المغيرة بن دويس (٤) الجلنداني ـ ومن معه من بني الجلندى وغيرهم من أهل الفتنة ـ بغاة على المسلمين. فوصلوا إلى توام ـ وكان أبو الوضاح واليا عليها للأمام المهنا ـ فقتلوا أبا الوضاح.
فلما بلغ [ذلك] المسلمين ـ وكان أبو مروان رحمه الله واليا على صحار ـ فسار بمن معه من الناس ، وسار معهم المطار الهندى ؛ ومن معه من الهند. فلما وصلوا توام ، وهزم الله بني الجلندى (٥) ، وقتل من قتل ، وهرب من
__________________
(١) ما بين حاصرتين إضافة لتوضيح المعنى
(٢) العبارة في الأصل بها اضطراب نتيجة لأخطاء في النسخ ، ونصها (وشهد على حضورها العدول أنه لم يتخلف منها شيء ويعدل الشهود المعدل بأدم)
(٣) النقض اسم البناء المنقوض إذا هدم (لسان العرب)
(٤) كذا في الأصل. وفي الفتح المبين لابن رزيق (ص ٢٣١) جاء الاسم (بن وسن) ؛ وفي تحفة الأعيان للسالمي (ج ١ ، ص ١٥٤) ورد الاسم (ابن روشن)
(٥) في الأصل اضطراب نتيجة لتكرار نصه (وهزم الله بني الجلندى ، ومن معه من الهند ، وقتل من قتل).
(من ٥ ـ تاريخ عمان)