ذكر انقسام أهل عمان
ودخل صاحب العنبور قلعة نزوى ، وضرب جميع مدافعها ، ونادى بالإمامة لسيف بن سلطان ، وخلصت لهم جميع حصون عمان وسلمت لهم كافة القبائل والبلدان فاستقام أمرهم على ذلك شهرين ، إلا ثلاثة أيام ، حتى أراد الله ظهور ما سبق في علمه ، أنه سيكون على أهل عمان بما غيروا وبدلوا (إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ)(١)
وفي ذلك الامتحان ليظهر المتثبت في دينه المخلص في سريرته ، ممن زلق في دينه ، وخالف علانيته سريرته ، في علم الله. قال تعالى (الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ)(٢) وقال جل وعلا (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ ، فَإِذا أُوذِيَ فِي اللهِ ، جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذابِ اللهِ. وَلَئِنْ جاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِما فِي صُدُورِ الْعالَمِينَ. وَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنافِقِينَ)(٣)
وعلم الله ظهور هاهنا ما سبق في علمه من القدر المحتوم ، فيظهر من كل ذي فعل فعله ، فيعاقب بما عصى (٤) ، ويثاب بما أطاع (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا ، وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى)(٥). والفتنة هاهنا [م ٣٨٣] الاختبار ـ كما يختبر الذهب الإبريز بالنار ـ وقيل : عند الامتحان يكرم الرجل أو يهان.
__________________
(١) سورة الرعد : الآية ١١
(٢) سورة العنكبوت : الآيتان ١ ، ٢
(٣) سورة العنكبوت : الآيتان ١٠ ، ١١
(٤) في الأصل (بما مضى)
(٥) سورة النجم : الآية ٣١