ذكر الأئمة بعد ناصر بن مرشد
[الإمام سلطان بن سيف :]
ثم إن المسلمين ، لما مات الإمام ناصر بن مرشد ـ رحمه الله ـ عقدوا للإمام سلطان بن سيف بن مالك اليعربي ، رحمه الله (١) فقام بالعدل ، وشمر وجاهد في ذات الله ، وما قصر. ونصب الحرب لمن بغى من النصارى بمسكد وسار لهم بنفسه ، حتى نصره الله عليهم وافتتحها. ولم يزل يجاهدهم في البر والبحر فاستفتح كثيرا من بلدانهم ، وخرب كثيرا من مراكبهم ، وغنم كثيرا من أموالهم.
فيقال إنما بنى (٢) القلعة التي بتروى من غنيمة الديو [من أرض الهند](٣) وقد لبث في بنائها اثنتى عشرة سنة ، وأحدث [م ٣٦٩] فلج البركة بين أزكى ونزوى ، وهو أقرب إلى أزكى.
وربما تكلم متكلم في إمامته من أسباب التجارات لأن له وكلاء معروفين بالبيع والشراء ، وجمع مالا. (٤)
__________________
(١) في الأصل (رحمه الله في ذلك)
(٢) في الأصل (بنا)
(٣) في الأصل (الديور) وما بين حاصرتين إضافة من تحفة الأعيان للسالمي (ج ٢ ، ص ٤٥) ، لتوضيح المعنى.
(٤) دأب بعض الخلفاء والسلاطين في الدولة الإسلامية على استثمار أموالهم في التجارة ، حتى صار لهذه التجارة ديوان أطلق عليه اسم (المتجر) وقد انتقد ابن خلدون هذا التصرف من جانب الحكام واعتبره منافسة غير مشروعة لرعاياهم ، لأن (الرعايا متكافئون في اليسار متقاربون ، ومزاحمة بعضهم بعضا تنتهى إلى غاية موجودهم. فإذا رافقهم السلطان في ذلك ـ وماله أعظم كثيرا منهم ـ فلا يكاد أحد منهم يحصل على غرضه في شيء من حاجاته)
(مقدمة ابن خلدون ، الفصل الأربعون ، ص ٢٨١)