ومما يدل على
عناية المأمون بالحديث ، وحفظه له ، ما ذكره محمد بن سهل بن عسكر قال : «وقف
المأمون يوما للأذان ، ونحن وقوف بين يديه إذ تقدم إليه رجل غريب بيده محبرة فقال
: يا أمير المؤمنين صاحب حديث منقطع به ، فقال له المأمون : أيش تحفظ في باب كذا؟
فلم يذكر فيه شيئا ، فما زال المأمون يقول : حدثنا هشيم ، وحدثنا حجاج ، وحدثنا
فلان حتى ذكر الباب ، ثم سأله عن باب ثان فلم يذكر فيه شيئا فذكره المأمون ثم نظر
إلى أصحابه فقال : يطلب أحدهم الحديث ثلاثة أيام ثم يقول : أنا من أصحاب الحديث
أعطوه ثلاثة دراهم» .
كما اهتم كثير
من الخلفاء العباسيين في العصر الثاني للدولة العباسية بعلم الحديث ، وإليك جانبا
من ذلك :
فالمسترشد
بالله بن المستظهر بالله سمع الحديث من جماعة من الأئمة ، وسمع جزء بن عرفة مع
أخيه المقتفي لأمر الله.
والمقتفي لأمر
الله بن المستظهر بالله سمع الحديث ، وروى عنه جماعة ، قال السيوطي : «كان محبا
للحديث وسماعه ، معتنيا بالعلم» .
والناصر لدين
الله بن المستضيء بأمر الله اشتغل في وسط ولايته برواية الحديث ، وأجاز له جماعة ،
وكتب للملوك والعلماء إجازات ، وصنف كتابا في الحديث فيه أسانيد صحيحة عالية رواها
عن أكابر المحدثين ، وسماه «روح العارفين» وأجازه لجمع من العلماء.
والظاهر بأمر
الله بن الناصر لدين الله روى الحديث عن والده بالإجازة ، وقرىء عليه في مسند
الإمام أحمد بإجازته من والده.
والمستعصم
بالله بن المستنصر بالله الشهيد آخر خلفاء بني العباس في
__________________