بحذف حرف الجر في كل ما لا لبس فيه ، بأن يتعين هو ومكانه نحو : بريت القلم السكين ، قياسا على تلك الأفعال ، فإن فقد الشرطان أو أحدهما بأن لم يتعين الحرف نحو : رغبت ، أو مكانه نحو : اخترت إخوتك الزيدين لم يجز ؛ لأن كلا منهما يصلح لدخول (من) عليه ، وما نقلته عن والدي ذكره في رسالة له في توجيه قول «المنهاج» : «وما ضبب بذهب أو فضة ضبة» ، فقال : «والذي ظهر لي فيه بعد البحث مع نجباء الأصحاب ونظر «المحكم» و «الصحاح» و «تهذيب اللغة» وغيرها ولم نجده متعديا بهذا المعنى أن الباء في (بذهب) بمعنى (من) ، و (فضة) منصوب على إسقاط الخافض ، إما من باب (أمرتك الخير) وهو ظاهر» ، قال : «ولا يرد أنهم لم يعدوه من أفعاله ؛ لأنا نقول : ما قيس على كلامهم فهو من كلامهم» ، فهذا عين ما نقلته عنه من القياس ، ثم قال : «وقد قالوا في ضبط أفعال باب (أمر) إنه كل فعل ينصب مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر ، وأصل الثاني منهما حرف الجر ، وهذا الضابط يشمله لا محالة ، وهو أولى من أن يدعى أنه من باب :
١٤٠٠ ـ تمرون الدّيار
لأن هذا محفوظ» انتهى. ووالدي رحمهالله كان ممن له التمكن في علوم الشرع والعربية والبيان والإنشاء ، أجمع على ذلك كلّ من شاهده.
(وقيل : إن ضمن) الفعل (معنى) فعل (ناصبه) أي : ناصب له بنفسه جاز الحذف قياسا ، وإلا فلا ، (وقيل) : يجوز (بشرط عدم الفصل) بينه وبين الذي يحذف منه حرف الجر ، فلا يقال : أمرتك يوم الجمعة الخير ، (و) بشرط عدم (التقدير) فلا يقال : أمرتك زيدا تريد بزيد ، أي : بأمره وشأنه ، (و) إما متعد (إلى اثنين بدونه) أي : بدون حرف جر (كأعطى وكسى ، وقيل : الثاني) من منصوبيهما منصوب (بمضمر ، ويحذف أحد مفعوليه ، وكذا) يحذف ، أي : مفعول (باب اختار) نحو : اخترت الرجال واستغفرت ذنبي ، (خلافا للسهيلي) في قوله : لا يجوز الاقتصار على الواحد المنصوب.
أنواع الفعل
مسألة : (الفعل متصرف) وهو ما اختلفت أبنيته لاختلاف زمانه وهو كثير ، (وجامد)
__________________
١٤٠٠ ـ البيت من الوافر ، وهو لجرير في ديوانه ص ٢٧٨ ، والأغاني ٢ / ١٧٩ ، وتخليص الشواهد ص ٥٠٣ ، وخزانة الأدب ٩ / ١١٨ ، ١١٩ ، ١٢١ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٣١١ ، ولسان العرب ٥ / ١٦٥ ، مادة (حرر) ، والمقاصد النحوية ٢ / ٥٦٠ ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٦ / ١٤٥ ، ٨ / ٢٥٢ ، وخزانة الأدب ٧ / ١٥٨ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٨٤٦.