والمساء ؛ لأن الأصل صباحا ومساء فحذف العاطف ، ورد عليه ابن بري بأن هذا الفرق لم يقله أحد ، بل صرح السيرافي بأن سير عليه صباح مساء ، وصباح مساء ، وصباحا ومساء معناهن واحد ، ثم قال : وليس سير عليه صباح مساء مثل قوله : ضربت غلام زيد في أن السير لا يكون إلا في الصباح كما شهر أن الضرب لا يقع إلا بالأول وهو الغلام دون الثاني ؛ لأنك إذا لم ترد أن السير وقع فيهما لم يكن في مجيئك بالمساء فائدة ، وهذا نص واضح.
وألحق العرب أيضا بالممنوع التصرف في التزام النصب على الظرفية (ذا) و (ذات) مضافين إلى زمان نحو : لقيته ذا صباح وذا مساء ، وذات مرة وذات يوم ، وذات ليلة ، قال:
٧٦٥ ـ إذا شدّ العصابة ذات يوم
إلا في لغية لخثعم ، فإنها أجازت فيها التصرف فيقال : سير عليه ذات ليلة برفع (ذات) ، وقال بعض الخثعميين :
٧٦٦ ـ عزمت على إقامة ذي صباح
وزعم السهيلي أن (ذات مرة) و (ذات يوم) لا تتصرف لا في لغة خثعم ولا في غيرها ، وأن الذي يتصرف عندهم إنما هو (ذو) فقط ، ورده أبو حيان بتصريح سيبويه والجمهور بخلاف ذلك ، والسبب في عدم تصرف (ذا) و (ذات) في لغة الجمهور أنهما في الأصل بمعنى صاحب وصاحبة صفتان لظرف محذوف ، والتقدير في (لقيته ذا صباح ومساء) وقت صاحب هذا الاسم ، و (ذات يوم) قطعة ذات يوم ، فحذف الموصوف وأقيمت صفته مقامه ، فلم يتصرفوا في الصفة ؛ لئلا يكثر التوسع.
وعبارة ابن أبي العافية : فضعف لذلك ولم يستعمل إلا ظرفا ، ولأن إضافتهما من قبيل إضافة المسمى إلى الاسم وهي قليلة في كلام العرب ، فلم يتصرفوا فيها لذلك ، واستقبح جميع العرب التصرف في صفة حين عرض قيامها مقامه ، ولم توصف كقولك : سير عليه قديما أو حديثا أو طويلا ، فهذه أوصاف عرض حذف موصوفها وانتصب على
__________________
٧٦٥ ـ البيت من الوافر ، وهو لأبي قيس بن الأسلت في ديوانه ص ٨٨ ، والبيان والتبيين ٣ / ٩٧ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٩٤٩.
٧٦٦ ـ البيت من الوافر ، وهو لأنس بن مدركة ، وتقدم برقم (٣٠٥) ، انظر المعجم المفصل ١ / ٢٢٣.