أحدهما : متصرف وهو ما جاز أن يستعمل غير ظرف ، كأن يكون فاعلا أو مبتدأ أو خبرا أو ينتصب مفعولا به أو ينجر بغير (من) ، كسرني يوم الخميس ، ويوم الجمعة مبارك ، واليوم يوم الجمعة ، وأجئت يوم الجمعة ، و(لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) [النساء : ٧٦] ، ثم هو نوعان منصرف كحين ووقت وساعة وشهر وعام ودهر ، وغير منصرف كغدوة وبكرة علمين قصد بهما التعيين أم لا ؛ لأنه علميتهما جنسية ، فيستعملان استعمال أسامة ، فكما يقال عند قصد التعميم : أسامة شرّ السّباع ، وعند التعيين : هذا أسامة فاحذره ، يقال عند قصد التعميم : غدوة أو بكرة وقت نشاط ، وعند قصد التعيين : لأسيرن الليلة إلى غدوة أو بكرة ، وقد يخلوان من العلمية ؛ بأن ينكرا بعدها فينصرفان ويتصرفان ، ومنه (وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا) [مريم : ٦٢].
قال أبو حيان : جعلت العرب (غدوة) و (بكرة) علمين لهذين الوقتين ، ولم تفعل ذلك في نظائرها كعتمة وضحوة ونحوهما ، وذكر بعضهم أن (بكرة) في الآية إنما نونت لمناسبة (عشيا).
الثاني : غير متصرف بأن لا يخبر عنه ولا يجر بغير (من) ، بل يلزم النصب على الظرفية ، أو يجر ب : (من) ، وإنما لم يحكموا بتصرف ما جر ب : (من) وحدها كعند وقبل وبعد ؛ لأن من كثرت زيادتها فلم يعتد بدخولها على الظرف الذي لا يتصرف ، وهو أيضا نوعان : ممنوع الصرف كسحر إذا كان من يوم بعينه ، وجرد من أل والإضافة نحو : أزورك يوم الجمعة سحر ، وجئتك سحر ، وأنت تريد بذلك من يوم بعينه ، بخلاف ما إذا كان نكرة فإنه ينصرف ويتصرف نحو : (نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ) [القمر : ٣٤] ، وكذا إن عرف ب : (أل) أو الإضافة نحو : سير بزيد يوم الجمعة السحر منه ، أو من سحره ، ومنصرف (كبعيدات بين) بمعنى أوقات غير متصلة ، وهي جمع (بعيد) مصغرة ، ومعناه لقيته مرارا متفرقة قريبا بعضها من بعض ، فجمع بعيد يدل على ما أريد من المرار ، وتصغيره يدل على ما أريد من تقاربها ؛ لأن تصغير الظرف المراد به التقريب ، ومنه ما عين من (بكرة) و (سحير) وضحى وضحوة وصباح ومساء وليل ونهار وعتمة وعشاء وعشية ، فهذه الأسماء نكرات أريد بها أزمان معينة ، فوضعت موضع المعارف ، وإن كانت نكرة ولذلك لا تنصرف ، وتوصف بالنكرة تقول : أتيتك يوم الخميس ضحى مرتفعة ، ولقيتك يوم الجمعة عتمة متأخرة ، وقد يمنع (عشية) الصرف فتصير إذ ذاك علما جنسيا كغدوة ، وأجاز الكوفيون تصرف ما عين من عتمة وضحوة وليل ونهار فتقول : سير عليه عتمة وضحوة وليل ونهار.