بخلاف هل (ومن ثم) أي : من أجل أصالتها فيه (اختصت بالحذف) أي : بجواز حذفها كقوله :
١٣٢٨ ـ طربت وما شوقا إلى البيض أطرب |
|
ولا لعبا منّي وذو الشّيب يلعب |
أراد : أو ذو الشيب ، وسائر الأدوات لا تحذف ، (ودخولها على النفي) كما تدخل على الإثبات نحو : ألم يقم زيد ، وغيرها لا يدخل إلا على الإثبات خاصة ، (و) دخولها على (واو العطف وفائه وثم) تنبيها على أصالتها في التصدير نحو : (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ) [الروم : ٩] ، (أَفَلا تَعْقِلُونَ) [آل عمران : ٦٥] ، (أَثُمَّ إِذا ما وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ) [يونس : ٥١] ، بخلاف غيرها من الأدوات فلا يتقدم العاطف ، بل يتأخر عنه كما هو قياس جميع أجزاء الجملة المعطوفة نحو : (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) [المائدة : ٩١] ، (فَكَيْفَ إِذا أَصابَتْهُمْ) [النساء : ٦٢] ، (فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ) [التكوير ٢٦] ، (فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) [الأنعام : ٩٥] ، (فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ) [الأنعام : ٨١] ، (فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ) [النساء : ٨٨] ، هذا مذهب سيبويه والجمهور.
(خلافا للزمخشري) حيث قال : إن الهمزة في المواضع السابقة ونحوها في محلها الأصلي ، وإن العطف على جملة مقدرة بينها وبين العاطف محافظة على إقرار حرف العطف على حاله من غير تقديم ولا تأخير ، فيقدر : امكثوا ولم يسيروا أتجهلون أفلا تعقلون ، قال أبو حيان : وهو تقدير ما لا دليل عليه من غير حاجة إليه ، وقال ابن هشام : يضعفه ما فيه من التكلف وأنه غير مطرد ، (و) دخولها على (الشرط) نحو : (أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ) [الأنبياء : ٣٤] ، بخلاف (هل) فلا تدخل عليه ، (و) على (إن) نحو : (أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ) [يوسف : ٩٠] بخلاف (هل) ، (وعدم إعادتها بعد أم) يقال : أزيد في الدار أم عمرو وأقام زيد أم قعد ، ولا يجوز أم أعمرو ، ولا أم أقعد بإعادة الهمزة ، كما يعاد الجار بعدها توكيدا في نحو : أعلى زيد غضب أم على عمرو ؛ لأن الهمزة لم تقع بعد حرف العطف تأسيسا ، بل يجب تقديمها عليه كما تقدم فلم تقع بعده تأكيدا ، بخلاف غيرها من الأدوات فإنها تعاد بعد (أم) نحو : (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَالنُّورُ) [الرعد : ١٦] ، (أَمَّنْ هذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ) [الملك : ٢٠] ، (أَمَّنْ هذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ) [الملك : ٢١].
__________________
١٣٢٨ ـ البيت من الطويل ، وهو للكميت في جواهر الأدب ص ٣٦ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٦٩.