(مسألة) يعمل ما بعد الفاء فيما قبلها هنا وفاقا كما تقدم في قوله : (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ) [الضحى : ٩] ، (ثم قال سيبويه : ما جاز عمله بعد حذف أما والفاء) عمل فيما قبل وما لا فلا ، ألا ترى أنك لو حذفت أما والفاء في الآية وقلت : اليتيم لا تقهر لكان جائزا ، بخلاف نحو : أما زيدا فإني ضارب لا يجوز ؛ إذ لو حذفت أما والفاء لم يجز تقدم معمول خبر إن عليها ، وكذا لا يجوز أما درهما فعندي عشرون ؛ إذ المميز لا يعمل فيما قبله وفاقا ، وقال المبرد أوّلا (وابن درستويه) زيادة على ذلك : (وإن) أيضا يعمل ما بعدها فيما قبلها مع أما خاصة نحو : أما زيدا فإني ضارب ، واختاره ابن مالك.
قال أبو حيان : وهذا لم يرد به سماع ولا يقتضيه قياس صحيح ، قال : وقد رجع المبرد إلى مذهب سيبويه فيما حكاه ابن ولاد عنه ، قال الزجاج : رجوعه مكتوب عندي بخطه فلذا لم أحكه عنه في المتن.
(و) قال (الفراء) زيادة على ذلك : (وكل ناسخ) يدخل على المبتدأ من أخوات إن وغيرها نحو : أما زيدا فليتني ضارب ، وأما عمرا فلعلي مكرم ، (وقيل : يختص ذلك بالظرف) والمجرور ؛ للتوسع فيه نحو : أما اليوم فإني ذاهب ، وأما في الدار فإن زيدا جالس ، (وقيل) : زيادة على ذلك ، (و) فعل (التعجب) إذا كان متعديا نحو : أما زيدا فما أزورني له ، قاله الكوفيون وعللوه بأن التعجب محمول على معناه ، والمعنى أما زيدا فأنا أزوره كثيرا ، بخلاف غير المتعدي إذا اتصل بضمير الاسم فلا يجوز أما زيدا فما أحسنه ، نعم يجوز إذا لم يتصل به نحو : أما زيدا فما أحسن.
(ولا تعمل أما في اسم صريح) فلا تنصب المفعول ، (خلافا للكوفية) حيث أجازوه لما فيها من معنى الفعل ، ورد بأن الأسماء الصريحة لا تعمل فيها المعاني ، وبأنه لا يحفظ من كلامهم أما زيدا فعنده عشرون درهما ، ولا أما زيدا فقائم ، (غير الظرف والمجرور والحال) فإنها تعمل فيها وفاقا ؛ لأن هذه الأشياء يعمل فيها ما فيه معنى الفعل.
الحروف غير العاطفة
(الكلام في بقية الحروف غير العاطفة) فإن تلك تأتي في مبحث عطف النسق.
الهمزة
(الهمزة للاستفهام) والمراد به طلب الإفهام ، (وهي الأصل فيه) لكونها حرفا ، بخلاف ما عدا هذه من أدواته فلم تخرج عن موضوعها فلم تستعمل لنفي ولا بمعنى قد ،