الفعل وتدخل الفاء إشعارا بذلك ، وخرج عليه قوله تعالى : (تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمانِ بِاللهِ) [المائدة : ١٠٦].
(وإن توالى شرطان) فصاعدا من غير عطف (فالأصح أن الجواب للسابق) ويحذف جواب ما بعده لدلالة الأول وجوابه عليه ، ومنهم من جعل الجواب للأخير ، وجواب الأول الشرط الثاني وجوابه ، وجواب الثاني الشرط الثالث وجوابه ، وهكذا على إضمار الفاء ، فإذا قال : إن جاء زيد إن أكل زيد إن ضحك فعبدي حر ، فعلى الأصح الضحك أول ثم الأكل ثم المجيء ، فإذا وقع على هذا الترتيب ثبت عتقه وعلى مقابله عكسه ، فإذا وقع المجيء ثم الأكل ثم الضحك لزم العتق ، فإن كان عطف فالجواب لهما معا ، ومنه : (وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ) [محمد : ٣٦] الآية.
(و) الأصح (أن الأحسن) حينئذ (مجيء) فعل الشرط (الثاني ماضيا) بناء على أن الجواب للسابق ، وأن جواب الثاني محذوف لما مر من أنه لا يحذف جواب الشرط في الاختيار حتى يكون فعله ماضيا ، وعلى أن الجواب للمتأخر لا يحتاج إلى ذلك ؛ لأنه غير محذوف الجواب ، (و) الأصح (أنه) أي : الشرط الثاني (مقيد للأول تقييد الحال) الواقعة موقعه قاله ابن مالك ، قال : فقولك : من أجابني إن دعوته أحسنت إليه ، في تقدير من أجابني داعيا له ، وقول الشاعر :
١٣٠٩ ـ إن تستغيثوا بنا إن تذعروا تجدوا |
|
منّا معاقل عزّ زانها كرم |
في التقدير : إن تستغيثوا بنا مذعورين ، قال أبو حيان : وغير ابن مالك جعله متأخرا في التقدير ، فكأنه قال : من أجابني أحسنت إليه إن دعوته ، فمن أجابني هو جواب (إن) في المعنى ، حتى كأنه قال : إن دعوت من أجابني أحسنت إليه ، فإذا وقع دعاءه لشخص فأجابه ذلك الشخص بعد دعائه إياه لزم الإحسان ؛ لأن جواب الشرط في التقدير بعد الشرط ، وكذا البيت تقديره على هذا إن تذعروا فإن تستغيثوا بنا تجدوا ، فأول الشرط يصير جزاء.
(وإن توسط الجزاء والشرط مضارع وافقه) أي : الشرط (معنى) حال كونه (غير صفة ،
__________________
١٣٠٩ ـ البيت من البسيط ، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر ٧ / ١١٢ ، وخزانة الأدب ١١ / ٣٥٨ ، وشرح الأشموني ٣ / ٥٩٦ ، وشرح التصريح ٢ / ٢٥٤ ، ومغني اللبيب ٢ / ٦١٤ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٤٥٢ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٨٦١.