ثانيها : المنع في الحالين ، قال أبو حيان : في محفوظي قديما أن المبرد منع من حذف الفاء في الضرورة ، وأنه زعم في قوله :
١٣٠١ ـ من يفعل الحسنات الله يشكرها
أن الرواية : من يفعل الخير فالرحمن يشكره ، قال : وهذا ليس بشيء ؛ لأنه على تقدير صحة الرواية لا يطعن ذلك في الرواية الأخرى.
ثالثها : وهو (الأصح يجوز ضرورة) ويمتنع في السعة ، وهو مذهب سيبويه ، (وينوب عنها في الأصح إذا الفجائية في) جملة (اسمية غير طلبية ولا منفية) قال أبو حيان : النصوص متظافرة في الكتب على الإطلاق في الربط بإذا ، ولكن السماع إنما ورد في (إن) قال تعالى : (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ) [الروم : ٣٦] ، فيحتاج في إثبات ذلك في غير (إن) من الأدوات إلى سماع ، واحترز بالاسمية من الفعلية فإن إذا لا تدخل عليها ، لا يجوز : إن قام زيد إذا يقوم عمرو ، وبغير الطلبية من الطلبية فلا يجوز : إن يعص زيد إذا ويل له ، وإن أطاع إذا سلام عليه ، وبغير المنفية من المنفية فلا يجوز : إن يقم زيد إذا ما عمرو قائم ، وإنما تدخل الفاء في الصور كلها.
ومقابل الأصح في المتن قول الأخفش : لا أرى إذا بمنزلة الفاء إلا رديئا ، لا تقول : إن تأتني إذا أكرمك ، كما تقول : فأنا أكرمك ، ولكن أرى الآية على حذف الفاء ، أي : (فإذا هم يقنطون) ، ورده أبو حيان بأن حذف الفاء فيما يلزمه الفاء لم يجئ في كلامهم إلا في الشعر ، ولو جاز حذف الفاء رفعت في قولك : إن تقم أقوم ، ولم يجئ منه شيء ، فالصحيح ما ذهب إليه الخليل وسيبويه انتهى.
(ومن ثم) أي : من هنا وهو أن (إذا) نائبة عن الفاء ، أي : من أجل ذلك (لا يجتمعان) لأن المعوض لا يجتمع مع العوض ، فلا يقال : إن يقم زيد فإذا عمرو قائم.
(ويرفع) الجواب (وجوبا إن قرن بالفاء) سواء كان فعل الشرط ماضيا نحو : (وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ) [المائدة : ٩٥] ، أم مضارعا نحو : (فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً) [الجن : ١٣] رفع ؛ لأنه حينئذ من جملة اسمية ، وهو خبر مبتدأ محذوف تقديره فهو ينتقم الله
__________________
١٣٠١ ـ البيت من البسيط ، وهو لكعب بن مالك في ديوانه ص ٢٨٨ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ١٠٩ ، وله أو لعبد الرحمن بن حسان في خزانة الأدب ٩ / ٤٩ ، ٥٢ ، وشرح شواهد المغني ١ / ١٧٨ ، ولعبد الرحمن بن حسان في خزانة الأدب ٢ / ٣٦٥ ، ولسان العرب ١١ / ٤٧ ، مادة (بجل) ، والمقتضب ٢ / ٧٢ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ١٠١٦.