الجزاء من حيث كونه فعلا مترتبا على فعل آخر ، فأشبه الفعل المرتب على فعل آخر ثوابا عليه ، أو عقابا الذي هو حقيقة الجزاء ، وشابه الجواب من حيث كونه لازما عن القول الأول فصار كالجواب الآتي بعد كلام السائل.
(فإن كانا) أي : الشرط والجزاء (فعلين فالأحسن أن يكونا مضارعين) كما مر ؛ لظهور تأثير العمل فيهما ، (ثم) أن يكونا (ماضيين) للمشاكلة في عدم التأثر نحو : (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ) [الإسراء : ٧] ، (ثم) أن يكون (الأول ماضيا) والثاني مضارعا ؛ لأن فيه الخروج من الأضعف إلى الأقوى ، وهو من عدم التأثر إلى التأثر نحو : إن قام أقم ، (ثم) أن يكون الأول (مضارعا) والثاني ماضيا ، وهذا القسم أجازه الفراء في الاختيار وتبعه ابن مالك ، (وخصه سيبويه والجمهور بالضرورة) كقوله :
١٢٩٢ ـ إن تصرمونا وصلناكم وإن تصلوا |
|
ملأتم أنفس الأعداء إرهابا |
(ويجب استقبالهما) ؛ لأن أدوات الشرط من شأنها أن تقلب الماضي إلى الاستقبال ، وتخلص المضارع له.
لو
(ولو كإن) إذا وقعت شرطا فإنها كذلك تقلب معناها إلى المستقبل في الأصح كغيرها ، نحو : (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) [المائدة ٦] ، قال أبو حيان : ونقل عن المبرد أنه زعم أن (إن) تبقى على مدلولها من المضي ، ولا تغير أدوات الشرط دلالتها عليه نحو : (إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ) [المائدة : ١١٦] ، (إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ) [يوسف : ٢٦] ، (وذا الفاء مع قد) ظاهرة أو مقدرة ، حال كونه (جوابا في الأصح) ، وذكر ابن مالك تبعا للجزولي وغيره : أن الفعل المقرون بالفاء وقد ظاهرة أو مقدرة يكون جواب الشرط ، وهو ماضي اللفظ والمعنى نحو : (إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ) [يوسف : ٧٧] ، (وَإِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ) [يوسف : ٢٧] ، أي : فقد كذبت ، قال أبو حيان : وذلك مستحيل من حيث إن الشرط يتوقف عليه مشروطه ، فيجب أن يكون الجواب بالنسبة إليه مستقبلا وإلا لزم من ذلك تقدم المستقبل على الماضي في الخارج أو في الذهن ، وذلك محال فيتأول ما ورد من ذلك على حذف الجواب ، أي : إن سرق فتأس فقد سرق أخ له من قبل ، ومثله : (وَإِنْ
__________________
١٢٩٢ ـ البيت من البسيط ، وهو بلا نسبة في شرح الأشموني ٣ / ٥٨٥ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٤٢٨ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٣٦.