وشرط نصب المضارع بعد (أن) أن لا تقع بعد فعل يقين كعلم وتحقق وتيقن ونحوها ، فإنها حينئذ المخففة من الثقيلة نحو : (عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ) [المزمل : ٢٠] ، خلافا للفراء حيث جوز أن تلي أن الناصبة للمضارع لفظ العلم وما في معناه ، مستدلا بقراءة (أَفَلا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ) [طه : ٨٩] بالنصب وهي بمعنى أفلا يعلمون ، وبقول جرير:
٩٩٥ ـ نرضى عن الله أنّ النّاس قد علموا |
|
ألّا يدانينا من خلقه أحد |
وأجيب بأن العلم إنما يمتنع وقوع أن الناصبة بعده إذا بقي على موضعه الأصلي ، أما إذا أول بالظن واستعمل استعماله فإنه يجوز فيه ذلك ، والدليل على استعمال العلم بمعنى الظن قوله تعالى : (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ) [الممتحنة : ١٠] ، فإن المراد بالعلم فيه الظن القوي ؛ إذ القطع بإيمانهن غير متوصل إليه ، ومنع المبرد النصب أيضا في المؤول بالظن ، فقولي : في الأصح راجع إلى المستثنى والمستثنى منه جميعا ، ويجوز في الواقعة بعد الظن الرفع على أنها المخففة من الثقيلة وهو قليل ، والأكثر في لسان العرب النصب بعده قال تعالى : (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا) [العنكبوت : ٢] ، وقرئ بالوجهين (وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ) [المائدة : ٧١] ، قال أبو حيان : وليس في الواقعة بعد الشك إلا النصب وفي الواقعة بعد فعل خوف تيقن مخوفه ، نحو : خفت ألا تقوم وخفت ألا تكرمني قولان أصحهما جواز الرفع كما بعد الظن ، وقد سمع ، قال أبو محجن :
٩٩٦ ـ أخاف إذا ما متّ أن لا أذوقها
والثاني : تعين النصب وعليه المبرد ، ولا تعمل أن الزائدة عند الجمهور ؛ لأنها لا تختص بدليل دخولها على الفعل الماضي في قوله : (فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ) [يوسف : ٩٦] ، ولا يعمل إلا المختص ، وجوز الأخفش إعمالها حملا لها على المصدرية ، وقياسا على الباء الزائدة حيث تعمل الجر ، وفرق بأن الباء الزائدة تختص بالاسم ولا يجوز تقديم معمول معمول أن الناصبة عليها ؛ لأنها حرف مصدري ومعمولها صلة لها ومعموله من تمام
__________________
٩٩٥ ـ البيت من البسيط ، وهو لجرير في ديوانه ١ / ١٥٧ ، وبلا نسبة في شرح الأشموني ٣ / ٥٥١ ، ٤ / ٢٨٢ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٢١٣.
٩٩٦ ـ البيت من الطويل ، وهو لأبي محجن الثقفي في ديوانه ص ٤٨ ، والأزهية ص ٦٧ ، وخزانة الأدب ٨ / ٣٩٨ ، ٤٠٢ ، وشرح شواهد المغني ١ / ١٠١ ، والشعر والشعراء ١ / ٤٣١ ، ولسان العرب ٨ / ٢٥٧ ، مادة (فنع) ، والمقاصد النحوية ٤ / ٣٨١ ، وبلا نسبة في شرح الأشموني ٣ / ٥٥٢ ، ومغني اللبيب ١ / ٣٠ ، وشرح الرضي ٤ / ٣٤ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٥٩٦.