تمييز كم الاستفهامية :
(ص) مسألة : مميز (كم) الاستفهامية منصوب ، وفي جره ثالثها يجوز إن جرت ، وهو ب : (من) مقدرة ، وقال الزجاج بإضافتها ، ولا يكون جمعا خلافا للكوفيين مطلقا ، وللأخفش فيما أريد به الأصناف ، ويجوز فصله وحذفه.
(ش) ختمت الكلام في التمييز بأنواع منه لم تجر عادتهم بذكرها في هذا الباب كما ذكرت تمييز الأعداد ، وذلك (كم) الاستفهامية ، والخبرية ، وكأين ، وكذا ، وسيأتي الكلام عن معانيها في مبحث الأدوات ، فمميز (كم) الاستفهامية مفرد منصوب كمميز عشرين وأخواته نحو : كم شخصا سما؟ وقال ابن مالك : لما كانت الاستفهامية بمنزلة عدد مقرون بهمزة الاستفهام أشبهت العدد المركب ، فأجريت مجراه بأن جعل مميزها كمميزه في النصب والإفراد ، وأجاز الكوفيون كونه جمعا مطلقا كما يجوز ذلك في (كم) الخبرية نحو : كم غلمانا لك ، ورد بأنه لم يسمع.
وأجازه الأخفش إذا أردت بالجمع أصنافا من الغلمان تريد : كم عندك من هذه الأصناف ، واختاره بعض المغاربة فقال : كم الاستفهامية لا تفسر بالجمع ، إنما هو بشرط أن يكون السؤال بها عن عدد الأشخاص ، وأما إن كان السؤال عن الجماعات فيسوغ تمييزها بالجمع ؛ لأنه إذ ذاك بمنزلة المفرد وذلك نحو : كم رجالا عندك تريد كم جمعا من الرجال ، إذا أردت أن تسأل عن عدد أصناف القوم الذين عنده لا عن مبلغ أشخاصهم ، ويسوغ باسم الجنس نحو : كم بطا عندك ، تريد كم صنفا من البط عندك.
وهل يجوز جر تمييز كم الاستفهامية حملا على الخبرية؟ مذاهب أحدها : لا ، والثاني : نعم ، والثالث : الجواز بشرط أن يدخل على (كم) حرف جر نحو : على كم جذع بيتك مبني ، ثم الجر حينئذ ب : (من) مقدرة حذفت تخفيفا ، وصار الحرف الداخل على (كم) عوضا عنها ، هذا مذهب الخليل وسيبويه والفراء والجماعة ، وخالف الزجاج فقال : إنه بإضافة (كم) لا بإضمار (من) ، ورده أبو الحسن الأبذي بأنهم حين خفضوا بعدها لم يخفضوا إلا بعد تقدم حرف جر ، فكونهم لم يتعدوا هذا دليل لقوم الجماعة ، ويجوز فصل تمييز (كم) الاستفهامية في الاختيار ، وإن لم يجز في عشرين وإخوته إلا اضطرارا ، ويكثر بالظرف والمجرور ، وقد يفصل بعاملها وبالخبر نحو : كم ضربت رجلا وكم أتاك رجلا ، ولكن اتصاله هو الأصل والأقوى ، ومما وجه به جواز الفصل فيها أنها لما لزمت الصدر ونظيرها من الأعداد التي ينصب تمييزها ليس كذلك ، بل يقع صدرا وغير صدر جعل هذا