٦٥٤ ـ جد بعفو فإنني أيّها العب |
|
د إلى العفو يا إلهي فقير |
وإنما اختص بها ؛ لأنه لما جرى مجرى النداء لم يكن في المناديات ما لزم النداء على صيغة خاصة إلا أيها الرجل فلازمه معنى الخطابية الذي في النداء ، فناسب أن يكون وحده مفسرا ، فلا يقال مثلا : إني أفعل زيد ، تريد نفسك ، وحكم (أي) في هذا الباب حكمها في باب النداء من بنائها على الضم محكوما على موضعها بالنصب ووصفها باسم الجنس ، ملتزما فيه الرفع.
واستثنى ابن مالك في «التسهيل» دخول حرف النداء فإنه لا يدخل عليها هنا ؛ لأن المراد بها المتكلم والمتكلم لا ينادي نفسه ، وزاد أبو حيان وصفها باسم الإشارة فإنه ممتنع هنا لا يقال : على أيها ذا الفقير تصدق ، سواء قصد به التعيين أم صرف إلى اسم الجنس.
وزعم السيرافي أن (أيا) هنا معربة وضمها حركة إعراب لا بناء على أنه خبر تقديره : أنا أفعل كذا هو أيها الرجل ، أي : المخصوص به ، أو مبتدأ تقديره الرجل المخصوص أنا المذكور ، وزعم الأخفش أنها منادى ؛ لأنها في غير الشرط والاستفهام لا تكون إلا على النداء ، قال : ولا ينكر أن ينادي الإنسان نفسه ، ألا ترى أن عمر قال : (كل الناس أفقه منك يا عمر) (٢) ، قال : وهذا أولى من أن تخرج (أي) عن بابها ، ورد بأن بقية الباب لا يمكن فيه تقدير الحرف نحو : (نحن العرب) و (بك الله).
ويقوم مقام (أي) في الاختصاص مصرحا بنصبه اسم دل على مفهوم الضمير معرف باللام نحو : (نحن العرب أقرى الناس للضيف) ، أو الإضافة قال سيبويه : وأكثر الأسماء المضافة دخولا في هذا الباب (بنو فلان) ، و (معشر) مضافة ، و (أهل البيت) ، و (آل فلان) ، وقال أبو عمرو : العرب تنصب في الاختصاص هذه الأربعة ولا ينصبون غيرها ، قال :
٦٥٥ ـ نحن بني ضبّة أصحاب الجمل
__________________
٦٥٤ ـ البيت من الخفيف ، وهو بلا نسبة في شرح شذور الذهب ص ٢٨٣ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٣٩٩.
٦٥٥ ـ الرجز للأعرج المعنى في شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ٢٩١ ، وبلا نسبة في الخزانة ٩ / ٥٢٢ ، وشرح شذور الذهب ص ٢٨٥ ، واللسان مادة (ندس ، جمل ، محل) ، وتاج العروس مادة (بجل ، جمل) ، وجمهرة اللغة ص ٢٦٩ ، انظر المعجم المفصل ٣ / ١٢٢٧.
(١) هذا القول ذكره ابن عطية في المحرر الوجيز ٢ / ٢٩ ، والقرطبي في تفسيره ٥ / ٩٩.