فقال : إنّ يقيني يا رسول الله هو الّذي أحزنني ، وأسهر ليلي وأظمأ هواجري ، فعزفت نفسي عن الدّنيا وما فيها حتّى كأنّي أنظر إلى عرش ربّي وقد نصب للحساب ، وحشر الخلايق لذلك ، وأنا فيهم ، وكأنّي أنظر إلى أهل الجنّة يتنعّمون في الجنّة ويتعارفون على الأرائك متّكئون ، وكأنّي أنظر إلى أهل النار وهم فيها معذّبون مصطرخون ، وكأنّي الآن أسمع زفير النار يدور في مسامعي.
فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ هذا عبد نورّ الله قلبه بالايمان ، ثمّ قال له : الزم ما أنت عليه ، فقال الشاب : ادع الله لي يا رسول الله أن ارزق الشهادة معك ، فدعا له رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فلم يلبث أن خرج في بعض غزوات النبي ـ صلّى الله عليه وآله ـ فاستشهد بعد تسعة نفر وكان هو العاشر» (١)
(٦) ان الكافر ليرى الجحيم بعينه ، يلامسها بجوارحه ، فيعلم يقينا أنه مواقعها ، وأنه كان في ضلال عنها مبين ، بينما المؤمن يعي وجود النار ، ويشاهدها ببصائر قلبه ، فيعلم يقينا بها.
(لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ)
(٧) أو ليس الاحجى بنا والأحرى أن نؤمن بها ونحن بعيدون عنها ، وقبل أن نردها ثم لا نصدر منها؟!
(ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ)
قالوا : ان الاية تشير إلى أن كل البشر يردون النار أو يمرون عليها. لقوله سبحانه : (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا).
__________________
(١) موسوعة بحار الأنوار / ج ٧٠ ص ١٥٩.