ثالثا : شكر من أنعم عليه من أرباب النعم ، والإنفاق على الآخرين ، فقد جاء في الحديث المأثور عن النبي ـ صلّى الله عليه واله ـ : «من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير ، ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله ، والمتحدّث بالنعم شكر ، وتركه كفر ، والجماعة رحمة ، والفرقة عذاب» (١).
وبقي ذكر رسول الله ـ صلّى الله عليه واله ـ خالدا رغم أنف المعاندين له ، فقد روي عن معاوية أنه سمع المؤذن يقول : اشهد ان لا إله الا الله وان محمدا رسول الله ، فلم يملك إهابة ، واندفع يقول :
«لله أبوك يا ابن عبد الله ، لقد كنت عالي الهمة ، ما رضيت لنفسك إلا ان يقرن اسمك باسم رب العالمين» (٢)
وروى مطرف بن المغيرة قال : وفدت مع أبي على معاوية ، فكان أبي يتحدث عنده ثم ينصرف إلي ، وهو يذكر معاوية وعقله ، ويعجب بما يرى منه ، واقبل ذات ليلة ، وهو غضبان فأمسك عن العشاء ، فانتظرته ساعة ، وقد ظننت انه لشيء حدث فينا أو في عملنا ، فقلت له : مالي أراك مغتما منذ الليلة؟ قال : يا بني! جئتك من أخبث الناس ، قال : ما ذاك؟
قال : خلوت بمعاوية فقلت له : إنك قد بلغت مناك يا أمير المؤمنين! فلو أظهرت عدلا وبسطت خيرا ، فانك قد كبرت ، ولو نظرت الى إخوتك من بني هاشم فوصلت أرحامهم فوالله ما عندهم اليوم شيء تخافه.
فثار معاوية واندفع يقول :
__________________
(١) المصدر.
(٢) حياة الامام الحسين / باقر شريف القرشي / ج ٢ ص ١٥١.