(يُنادُونَهُمْ)
نداء استغاثة وحسرة.
(أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ)
وهناك يجيبهم المؤمنون بما هو قول فصل : أوّلا : ببيان حقيقة الانتماء ، بأنّه ليس مجرّد التشدّق اللفظي ، إنّما يتحقّق الانتماء بالعمل المتجانس ، والخطّ المشترك ، وهذا ما لم يتحقّق في واقع المنافقين ، لأنّهم أوقعوا أنفسهم في الفتنة حين اجتنبها المؤمنون ، وتربّصوا حين أقدموا ، وشكّكوا حين تيقّنوا ، واغترّوا بالأماني حين سعوا ، واستجابوا لنداء الشيطان حين استعاذوا منه ، وأمسكوا بخلا وأمروا الناس به حين أنفقوا. وثانيا : ببيان مراحل التسافل والهلاك عند الإنسان ، وهذه أوضح آية في القرآن من حيث ترتيبها بالتتالي ، وهي :
المرحلة الأولى : الافتتان ، والفتن لغويّا هو وضع المعدن كالذهب في النار ، وسمّي الابتلاء فتنة لأنّ الإنسان أثناءه يكتوي بنيران الحوادث والمتغيّرات ، ويواجه التحدّيات والضغوط الصعبة والحاسمة بعض الأحيان ، والسؤال : كيف يفتن الإنسان نفسه؟
ونجيب : حينما يريد الإنسان أن يكون مخلصا لربّه ، بعيدا عن الضلالة والانحراف ، يجب أن يتجنّب مضلّات الفتن ومظانّها ، فلا يدخل فيها ولا يتفاعل معها ، إنّما يكون كما نصح أمير المؤمنين (ع) : «كن في الفتنة كابن اللبون ، لا ظهر فيركب ، ولا ضرع فيحلب» (١) ، فلا يسافر في البلاد التي تصرعه فيها الفتن ، أو يقع فيها بيد الظالم ، ولا يقرأ أو يتصفح الكتب والمجلّات التي تضلّه ،
__________________
(١) نهج / حكمة ١