(فَبايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
واستغفار الرسول لهنّ الأخطاء السابقة والجانبية التي قد يتورّطن فيها ، وهذه الآية تعطي المعنى الحقيقي للهجرة بأنّه ليس مجرد الانتقال من مجتمع إلى آخر صالح ، أو الانفصال المادي عن المجتمع الضال ، إنّما هو التطهّر من السلوكيات المنحرفة التي كانت سائدة على المجتمع الضال ، كالسرقة والزنا والبهتان و.. و.. التي تعرضت الآية لذكر أهمّها.
[١٣] وفي ختام السورة يؤكد ربنا أمره بمقاطعة أعداء الله فيقول :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ)
إنّ محور الإنسان المؤمن هو رضى الله عزّ وجلّ ، فهو لا يضع ولاءه إلّا عند أهله ، أما الذين يسخطون الله بأعمالهم من الظلمة والضالين فإنّه براء منهم. وقد تعددت أقوال المفسرين في بيان هويّة المعنيّين ب «غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ» فذهب أكثرهم إلى أنّهم اليهود ، لقوله تعالى (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) وما ورد في تفسيرها وتأويلها من الأخبار ، والذي يظهر أنّهم كل من يعمل ما يستحق غضب الله ، ولعلّهم أناس من داخل المجتمع الإسلامي كالمنافقين والحكام الظلمة والعلماء الفسقة ، وتشبيه الله لهم بالكفّار يهدي إلى أنّهم غير الكفار بل هم الذين يحاولون السيطرة على مقاليد الحكم في البلاد الإسلامية بغير حق!