وتشير الآيات باختصار الى الفرق الكبير بين أهل الجنة وأصحاب النار ، ثم يثني السياق على عظمة القرآن وفاعليته في التأثير باعتباره النهج الذي يربط المخلوق بربه ويذكره به ، فهو لو أنزل على جبل لخضع وتصدّع من خشية ربه ، ولك أن تعلم كم ينبغي أن يكون قلب الإنسان قاسيا إذا لم يتأثر بآياته الحكيمة. ولكن هذا الكنز الإلهي العظيم لا يكتشفه الإنسان إلّا إذا استثار عقله للتفكر في آياته ، والتدبر في أمثاله وقصصه.
ويكتسب القرآن عظمته الكبرى من كونه كلام الخالق ، والتجلي الأعظم له إلى خلقه ، وهذه الحقيقة هي التي تكشف لنا العلاقة بين الكلام عن عظمة القرآن في الآية (٢١) والحديث عن صفات الله في الآيات (٢٢) ، فإن عظمة القرآن من عظمة خالقه المتجلية في أسمائه وصفاته. ولن تتحقق خشية الله لأحد إلا إذا سمى الى آفاق المعرفة به سبحانه ، وذلك بالتعرف على أسمائه الحسنى التي تتجلى في كتابه وفي خلقه ، ولذلك يختتم الله سورة الحشر بذكر مجموعة منها لكي يتعرف إلينا ونعرفه كما يريد.
بينات من الآيات :
[١٨] يتميّز المؤمنون عن غيرهم بخصال ثلاث هي :
١ ـ تقوى الله التي تسوقهم الى الطاعة وتحجزهم عن المعصية ، وهي روح الإيمان.
٢ ـ الإيمان بالآخرة كدار للبقاء والسعي الجاد والمستمر من أجل إعمارها باعتبارها دار مقرّ الإنسان ، فلا يصدهم عن الاستعداد لها والتزود إليها شخص ولا شيء.