أي تدرعوا بالحلف والأقسام المغلّظة ، واستتروا بمظاهر الإيمان ، حتى لا تنكشف سرائرهم وحقيقتهم للأمّة الإسلامية ، وراحوا يعملون لتحقيق أهدافهم الخيانية السيئة ، ويزدادون بذلك ضلالا إلى ضلالهم ، ويضلّون بأساليبهم الماكرة من يستطيعون من الناس ، وبالذّات أولئك البسطاء الذين تخدعهم المظاهر لقلّة وعيهم.
(فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ)
أنفسهم وغيرهم ، وهم إنّما نافقوا وتستروا بالأيمان لكي يبعدوا عن أنفسهم ذلّ الدنيا بالفضيحة والخزي عند المؤمنين ، ولكي يبلغوا ما يتصور ونه عزّا وكرامة ، من المناصب والمغانم الدنيوية ، ولذلك فإنّهم يستحقّون إضافة إلى الشدة في العذاب أن يكون مهينا.
(فَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ)
ويبقى سؤال : ما هو سبيل الله الذي صدّوا عنه؟ لا ريب أنّ كلّ خير هو سبيل الله بيد أن أقرب السبل إليه الجهاد في سبيله ، وهو الأشهر استخداما في النصوص. وإنّها لسمة بارزة لخط النفاق تقاعسه عن الجهاد ، وصدّ الناس عنه بالإشاعات الباطلة أو بوسائل أخرى.
ولقد أوضح القرآن في هذه الآيات ملامح المنافقين لكي نميّزهم عن الصادقين ، ونقضي بذلك على أعصى عقدة في المجتمع الإسلامي وأكبر خطر.
[١٧ ـ ١٨] أمّا عن جذر مشكلة النفاق ، والتولّي لأعداء الله ، فإنّه حطام الدنيا وزينتها ممّا يلهث وراءه الإنسان بطبعه وهواه ، وحينما نتدبّر القرآن ، ونقوم بدراسة للواقع الاجتماعي والسياسي لتأريخ الأمم فإنّنا نجد أنّ طائفة كبيرة من