المؤمنين ، الذين طمأنهم السياق بأنّه ليس بضارّهم شيئا إلّا بإذن الله ثم أمرهم بالتوكل عليه. لأنّ هدف المنافقين من تآمرهم التعالي على المؤمنين كما يبدو فإنّ السياق أشار إلى سيئة من سيئات سلوكهم متمثلة في اختيار صدر المجالس والتسمّر فيها ، فأمر الله المؤمنين بالتفسح في المجالس ، وذكّرهم بأنّ العزة ليست بالمجالس القريبة من الرسول ، وإنّما بالإيمان والعلم.
كما أشار إلى مزاحمتهم للرسول بالنجوى معه (لإظهار أنّهم الأقرب إليه) فأمر المؤمنين بدفع الصدقات قبل النجوى معه ، ثم ألغى هذا الأمر بعد أن عرف المنافقون ، بل علم خواء كثير من نجوى غيرهم مع الرسول ، وعدم أهميتها عند أصحابها ، لأنّهم أشفقوا من تقديم الصدقات قبلها.
بينات من الآيات :
[٧] كدليل لشهادة الله على كلّ شيء ـ هذه الحقيقة التي ذكرتها الآية الأخيرة من الدرس الفائت ـ يذكّرنا الله بأنّه حاضر ، ذلك لكي لا يظن المنافقون والذين في قلوبهم مرض أنّهم يحيكون مؤامراتهم السرية بعيدا عن علمه ، وبالتالي أنّ مكرهم فوق مكره ، كلّا .. فهم إن استطاعوا التناجي بالإثم والعدوان والمعصية بعيدا عن سمع القيادة والمجتمع وعلمهما ، فإنّ الله يعلم بكلّ شيء ، وسيؤيد المؤمنين وينصرهم رغم المؤامرات ، وعدم إيمان أحد بهذه الحقيقة لا ينفيها ، بل سيعلمها الجميع يقينا يوم القيامة ، حينما يخبرهم الله بما عملوا.
والرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وكذلك كلّ مؤمن يعرف ربّه حق المعرفة ويعقل هذه الحقيقة بعمق ، وبالتالي فهو لا يخشى من نجوى الأعداء ، بل يتوكل على ربّه ، ويطمئن إلى أنّها لا تضرّه إلا بإذنه عزّ وجل ، وأنّ الغلبة ستكون للحق رغم المؤامرات.