عبدها الناس عند ما أضلّهم السامري ، ولعلّه لذلك جاءت خاتمة الآية الكريمة تذكيرا بعزّة الله وحكمته.
(وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)
إنّه كذلك سواء سبّحه الخلق أو لم يسبّحوه ، فهو بذاته عزيز لا يزيده التسبيح عزّا ، وحكيم تتجلّى حكمته في النظام الدقيق الذي فطر عليه خلقه وحكمه به ، كما تتجلّى في تدبيره لشؤونه المختلفة ، وليس بحاجة إلى الاعتراف من قبلنا بحكمته سبحانه ، كما لا تنصرف هاتان الصفتان إلى غيره لو اعتقدنا بألوهيّته ، ولعلّ الحكمة من بيان هاتين الصفتين أنّ الله لا يدبر الكائنات بقوته وحسب ، بل بالحكمة أيضا ، وأنّه يحقّ للكائنات أن يسبّحنه لأنّه تعالى مهيمن عليها بالقوّة والحكمة فهو أهل لذلك.
[٢] وتتصل الآيات بعضها حتى الآية السادسة تعرّفنا بربّنا عزّ وجلّ من خلال صفاته وأسمائه وأفعاله التي تتجلّى في الخليقة والتي تهدينا إلى أنّه يحقّ علينا تسبيحه ، وإنّما يشرك الإنسان بربّه لجهله به تعالى ، أما إذا عرف عظمته وهيمنته المطلقة على الخليقة فسوف تنسف تلك المعرفة كلّ الأفكار والعقد الشركية لديه ، إنّنا نشرك ببشر أمثالنا لأنّهم أعطوا شيئا من الملك والقوة ، ويحجبنا ذلك عن الإله الحق ، بلى. إنّهم قد يملكون رقعة من الأرض وبعضا من النعيم ، أو يكون لهم سلطان على الناس ، ولكنّ ذلك كلّه محدود ، لا يصيّرهم آلهة ، ولا يقاس بما عند الله.
(لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ)
بما فيهما ، وهو حقّا ملك واسع مطلق وحقيقي ، أمّا تملّك الناس للأشياء فهو