إنّ آية الحديد
تشير إلى نظام التجمّع الإسلامي الذي يتمثّل في الرسول ومن ينوب عنه ، وفي القوى
الثلاث : التشريعية ، ورمزها (الكتاب) ودورها بيان الأحكام ، والقوة القضائية ،
ورمزها (الميزان) أمّا مهمتها فهي تطبيق الأنظمة على الواقع لتحديد المصاديق وبيان
كيفية التنفيذ ، والقوّة التنفيذية ، ورمزها (الحديد).
كما تشير الآية
إلى شعار التجمّع الإسلامي الذي يهدينا إلى وجهته وصبغته العامة والمتمثّل في قوله
سبحانه : «لِيَقُومَ
النَّاسُ بِالْقِسْطِ».
وخاتمة الآية
تهدينا إلى الدافع الغيبي لنصرة الدّين ، والذي يعتبر الضمانة التنفيذية للأحكام ،
وقوّة التماسك الداخلية في التجمّع الإيماني.
[٢٦] ويضرب
القرآن مثلا تاريخيا لما بيّنته آية الحديد فيما يتصل بحركة الأنبياء ومن يتبعهم ،
وذلك من واقع نوح وإبراهيم (عليهما السلام) حيث كانا فاتحين لعهدين جديدين في
تاريخ الرسالات الإلهية.
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا
نُوحاً وَإِبْراهِيمَ)
والنبوّة هي
القيادة المعصومة المختارة من عند الله ، أمّا الرسالة فهي فوقها بدرجة حيث أنّ
الرسول يحمل رسالة من ربّه إلى الناس.
والنبوّة
والكتاب هما عهد الله ، ولا يناله إلّا الصالحون الصادقون ، الذين يمتحنهم الله ،
قال عزّ من قائل : «وَإِذِ
ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ
لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ».
وحيث تصدّى
أبناء نوح وإبراهيم (عليهما السلام) لقيادة البشرية عبر