(إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) (١) وهذا نوع من التكذيب أيضا فالذي لا يؤمن برب النعمة أو يشرك به لا يشكره عليها ، ومن لا يشكر النعمة لا يعمل على ضمان استمرارها ونموّها ، والاستفادة منها في مواردها السليمة ، أليس ذلك كله مرهون بالشكر على وجهه الصحيح؟ جهاز الهضم عند الإنسان مثلا (الفم ، المريء ، المعدة ، الأمعاء) ينبغي أن نستفيد من هذه النعمة ، فالذي يعلم بأنها من الله ، سوف يبحث عن برنامج الرسالة في الاكل والشرب ، نوع الطعام والشراب المطلوب ، ومقداره ، وطريقة استهلاكه (آداب الاكل والشرب) أما الآخر المكذب بالله فلن يلتزم بحد في ذلك ، سيسرف فيهما ولن يمتنع عما يضرّه كالخمر ولحم الخنزير ، وهذا نوع من التكذيب أيضا ، وكذلك يكذب بالنعمة الذي يستخدم الثروة من أجل استغلال الآخرين واستبدادهم ، والإسراف والتبذير على النفس ، كما ان الذي يتخذ السلطة وسيلة للقهر والاستعلاء هو الآخر يكذب بآلاء ربه.
والذي لا يستخدم النعمة في الخير لنفسه وللبشرية ، وبالتالي لا يعمل على ضمان استمرارها باستمرار عواملها ، فانه ليس فقط يحرم من نموها ، بل ويجعلها عرضة للزوال (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ) (٢) إذا فتطبيق قولنا «لا بشيء من آلائك ربّ أكذب» يكون بالتزام شكر النعمة دائما ، وذلك يعني أن نعترف بأنها نعمة فعلا ، وثانيا أن نعرف بأنها من الله فنشكره قولا ، ونطبق منهجه عملا ، وهذا هو التصديق بآلاء الله.
بينات من الآيات :
[١٩ ـ ٢١] ومن حركة الشروق والغروب في آفاق السماء ، يأخذنا القرآن الى مياه البحار التي تلتقي مختلفة مع بعضها دون أن تبغي أو تطغى.
__________________
(١) فصّلت / ٣٧
(٢) إبراهيم / ٧.