وإلى نعم الله المسبغة عليه ، علم أنّه ما نال من الشرف إلّا بفضل الله تعالى ، فكيف يكذّبان بآلائه؟! (١)
(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)
ومن آلاء الله عليهما أن خلقهما من مادّة تتناسب مع تطلّعات ودور كلّ منهما في الحياة ، فخلق الإنسان من صلصال نتن ضعيف ، ولكنّه قوّمه وقوّاه بالعقل والعلم ، بحيث يستطيع أن يسخّر حتى الجن ، وخلق الجن من النار ، وجعل تفوّقه في بعض جوانب القدرة والقوّة المادية ، ولكنّ هذا الاختلاف في الخلقة لا يعني تمايزا لعنصر على عنصر ، لأنّ القيمة للعمل الصالح ، سواء صدر من الصلصال أو من مارج النار ، ولا يعني أنّ أحدهما رب والآخر مربوب حتى يعبده ويشرك به ، بل هما مخلوقان وربّهما واحد وهو الله.
[١٧ ـ ١٨] وجانب آخر من الرحمة الإلهية يطالعنا كلّ يوم في حركة الشمس والأرض.
(رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ)
الآية الكريمة تلفت انتباهنا إلى حركة الأرض حول الشمس والتي تكتمل في كلّ عام مرّة ، وتتسبب في تغير الفصول الأربعة وخلالها تتبدل يوميا منازل الشمس بالنسبة الى الأرض شروقا وغروبا ، فهي تشرق في أول يوم من أول منزلة لتبلغ الأقصى في اليوم الأخير ، وفي المقابل تجد ذات الحركة وبذات النسبة غروبا ، وفي الاحتجاج للطبرسي رحمه الله ، قال أمير المؤمنين (ع): «وأما قوله تعالى : (الآية) فان مشرق الشتاء على حده ، ومشرق الصيف على حده. أما تعرف ذلك من غروب الشمس وبعدها»؟ ويفصل في بيان حركة الشمس قائلا : «وأما قوله :
__________________
(١) التفسير الكبير للفخر الرازي (بتصرّف).