ونفع للجسم بما تحتويه من فيتامينات ومواد أخرى.
(فِيها فاكِهَةٌ)
ويبدو أنّ تقديم ذكرها على النخل النعمة الوسط ، وعلى الحبّ المأكول الرئيسي للإنسان ، لأنّها كمال نعمة الخلق وكمال نعم المائدة ، وهذا يتناسب مع سياق هذه السورة التي جاءت لبيان تجلّيات رحمة الله أن تشير إلى النعمة ابتداء من أكمل النعم ، ولا شك أنّ رحمة الله أكثر تجلّيا في المائدة ذات الفاكهة من الأخرى التي لا فاكهة فيها.
(وَالنَّخْلُ ذاتُ الْأَكْمامِ)
وهي كذلك مظهر لرحمة الله ، ولعلّنا نقترب أكثر إلى مهمّ هذه الحقيقة إذا رجعنا إلى الوراء في التاريخ بذاكرتنا ، وتعرّفنا على أهمية النخل ودورها بالنسبة للإنسان آنذاك ، إنّه يستفيد منها حتى النخاع ، من النواة التي يقدّمها مع العلف للحيوان ، إلى جذعها وخوصها وكلّ شيء فيها ، فبكر بها يوقد النار للطبخ والتدفئة ، وبسعفها وجذوعها يبني بيته ، ومن ثمرها يأكل طيلة السنة.
ولكنّ القرآن يلفت انتباهنا إلى أكمام النخل ، لأنّ ما تحتويه من الثمر هو أهمّ النعم بالنسبة للإنسان. إنّه يستطيع العيش من دون بيت السعف ، ومن دون التدفئة بالنار أيضا ، ولكنه لا يعيش من دون الأكل ، والأكمام هي التي تحفظ الثمر من الآفات والسموم ، بل وتقوم بدور أساسي جدّا في تكوينه ، لأنّها تشبه الرحم الذي يتكوّن فيه الجنين ، والقرآن في آية منه يوجّهنا إلى هذا الدور عند ما يلحق ذكر الأكمام التي تحمل بالثمر ثم تلده بانشقاقها بذكر المرأة حينما تحمل وتلد ، قال تعالى : «وَما تَخْرُجُ مِنْ ثَمَراتٍ مِنْ أَكْمامِها وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى وَلا تَضَعُ