(وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى)
ان الإنسان يضحك للجزاء الحسن ، ويبكي من الجزاء السيء. سواء في الدنيا أو الآخرة. والله سبحانه يقدرهما للإنسان ، فيمنح له من السعادة النفسية والمادية ما يضحكه (جزاء لما قدمه من عمل صالح). أو ينتقم (لسوء عمله) فيسلب منه نعمه ويعصر قلبه بالهم حتى يبكيه. والقرآن لم يقل افرح واحزن لان الضحك والبكاء هما غايتا الفرح والحزن ، واجلى مصاديقهما. ولان بينهما مسافة شاسعة لا بد من بيانها لنعرف عمق الهوة الفاصلة بين الخير والشر ، وبين الجزاء الحسن والعقاب ، ولعلنا نفقه بعض ابعاد مسئوليتنا تجاه أفعالنا.
(وَأَنَّهُ هُوَ أَماتَ وَأَحْيا)
ربما يكون معنى الحياة هنا استمرارها والمحافظة عليها كقوله تعالى : (وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً) (١) ، وامر الموت والحياة بيده تعالى ، مهما كانت أسبابهما الظاهرة ، لان الله يجري الأمور بأسبابها ، فقد يحفظ الحياة لا حد على يد الطبيب ، أو يقدر له الموت بيد جلاد.
(وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى * مِنْ نُطْفَةٍ إِذا تُمْنى)
وانما يؤكد ربنا على هذه الحقيقة (ان اليه المنتهى) ثم يضرب الامثلة من أهم ما يتحكم في كياننا لان الإنسان قد يكتشف القوانين التي تسير الحياة وفقها ، فيفسر الظواهر والحوادث تفسيرا ماديا مبنيا على أساس ان القانون هو كل شيء ، فيرى ان الولادة تبدأ من الجماع حيث يقذف الرجل بالحيامن في رحم المرأة ، ثم ان الرحم المهيأ لتكوين الجنين يبدأ بدوره ضمن قوانين ومعادلات معينة فتصير
__________________
(١) المائدة / ٣٢