(وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ)
فلا يسمعون ولا يعون الحقائق ، لأنّ الله أبعدها عنهم ، وهل يعطي ربّنا دينه من يعرف أنّه يكفر به سلفا؟!
(وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً)
فعند ما يبصر الآيات لا يرى ما وراءها من العبر ، وما قيمة ظواهر الآيات إذا لم يهتد الإنسان إلى معانيها ، أو تنتفع من سماع لغة لا تعرفها ، أو ينتفع الأمّي إذا نظر في كتاب ، وهل يهتدي غير الطبيب إلى حقيقة المرض من رؤية أعراضه؟
كذلك نظرات الذين يعبدون أهواءهم تذهب عبثا ، لأنّ تركيزهم إنّما هو على ظواهر الأمور ، ولا يريدون بلوغ الحقائق فهم محجوبون عنها.
جاء في الحديث عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ في صفة هؤلاء :
«أقبلوا على جيفة (الدنيا) قد افتضحوا بأكلها ، واصطلحوا على حبّها ، ومن عشق شيئا أعشى بصره ، وأمرض قلبه ، فهو ينظر بعين غير صحيحة ، ويسمع بأذن غير سميعة ، قد خرقت الشهوات عقله ، وأماتت الدنيا قلبه ، وولهت عليها نفسه ، فهو عبد لها ولمن في يديه شيء منها ، حيثما زالت زال إليها ، وحيثما أقبلت أقبل إليها» (١)
(فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللهِ)
لقد أنعم الله على الإنسان بالعقل ، وآتاه البينات ، فإن اهتدى فلنفسه ، وإن أساء ، واتبع هواه ، وانحرف عن هدى عقله ، وكذّب بالبيّنات ، سوف يضلّه الله.
__________________
(١) نهج البلاغة / ج (١٠٩) / ص (١٥٩).