أولا : القرآن أنزل في ليلة القدر ـ المباركة ـ لأنه ينذر باسم مقدّر هذا الخلق ، وألّا يزيغوا عن ذلك التقدير الحكيم الذي قضي في ليلة القدر ، حيث يفرق فيها كلّ أمر حكيم. امرا من عند الله ، الذي أرسل الأنبياء ينذروا الناس به.
وكانت تلك رحمة من الله ان ينذر الناس ألّا يتجاوزا تلك السنن والأقدار ، فيتعرضوا للخطر.
وبعد أن يذكرنا بعظمة الخالق يقول : «(بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ) (وهو سبب كفرهم بهذه الرسالة وسيبقى ضلالهم حتى يأتيهم العذاب) (فَارْتَقِبْ) (يوم العذاب) (يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ* يَغْشَى النَّاسَ) (حيث يتساءلون ما هذا) (هذا عَذابٌ أَلِيمٌ) (فينادون) (رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ) (وهيهات) (أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرى وَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ) (بعد أن انذرهم بما فيه الكافية) (وَقالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ) (ويأتيهم الخطاب)(إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عائِدُونَ) (ولعل هذا العذاب هو العذاب الأدنى ، الذي يأخذهم ليكون نذيرا للعذاب الأكبر ، وهذا بدوره من شواهد القيامة) (يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى) (فيومئذ لا ينفع الاستغفار) (إِنَّا مُنْتَقِمُونَ).
ويسوق القرآن قصة فرعون لتكون شاهدة على مجمل هذه البصائر التي سبقت. تقدير الله الحكيم ـ إنذار الرسل ، نزول العذاب ، والجزاء الحسن الذي أتاه بني إسرائيل ـ.
وتلك هي فتنة كبري تعرّض لها قوم فرعون فلم يفلحوا حيث جاءهم موسى بالبلاغ المبين ، فلما رجموه بالتهم دعا عليهم فجاءه النصر ، حيث أغرق الله فرعون وقومه ليتركوا وراءهم ثرواتهم دون أن تذرف السماء عليهم دمعة. أو ليسوا كانوا خاطئين ، حيث زاغوا عن القدر الحكيم ، والصراط المستقيم. تلك هي سنة الجزاء ،