حرمة القيادة الالهية ، ولا حرمة الآداب المرعية ، وكان أولى بهم أن يصبروا حتى يخرج إليهم الرسول فيحدثوه عن شؤونهم (الآية ٥).
باء) وبعد أن يرسي السياق احترام القيادة وآداب التعامل معها ، وطبيعة العلاقة معها بعدئذ يأمر المؤمنين بالتثبت في أمورهم ، وعدم الاسترسال مع أنباء الفاسقين ، لأنهم قد يصيبون بذلك قوما بجهالة ثم يندمون على ذلك. وبهذا يقطع الطريق على مثيري الفتن بين المسلمين وسائر التجمعات البشرية ، ويضع قانونا لمثل هذه الأمور ويأمر بمراجعة القيادة والتسليم لها وعدم ممارسة الضغط عليها ، أو ليس الرسول قد جاءهم من عند الله بنور الايمان؟ أو ليس ـ إذا ـ أهدى منهم سبيلا؟ أو ليس من واجب الشكر ألا يخالفوه في قضية هامة كاتخاذ موقف من طائفة معينة؟ وماذا لو أطاعهم الرسول في جهلهم أو لا يسبب ذلك في العنت عليهم؟ وربما أشارت الآية (٧) الى أن مخالفة الرسول نوع من الكفر والفسوق أو العصيان حسب درجات المخالفة ومواردها ، وإن من فضل الله عليهم أن زين في قلوبهم الايمان وكره إليهم الكفر والفسوق والعصيان. فلا يعودوا إليه ليفقدوا أعظم نعمة أسبغها عليهم ربهم.
جيم) وفي سياق حديثه عن علاقة المسلمين ببعضهم يفك القرآن أولا أصعب عقدة فيها متمثلة في حالة نشوب قتال أهلي بينهم ويقول : لو اقتتل طائفتان من المسلمين فلا بد من الإصلاح بينهم ، وبأية وسيلة ممكنة ثم إقامة العدل بينهم ، ولكن إذا بغت إحداهما على الاخرى ، ولم تسلم للإصلاح فلا بد من تحمل جماهير الامة لمسؤولياتها الخطيرة المتمثلة في محاربة الفئة الباغية ، حتى تفيء الى أمر الله وتقبل الصلح والتحاكم الى الشريعة المقدسة ، فان فاءت تقوم الامة بنشر العدالة في أوساطها والقسط (٩).