فلذلك تراهم يرفقونها بالحديث السلبي معها ، ولذلك تراهم لا يقضون صلاتهم إلا ويتبعونها بالقول تضجّرا ، كم هي ثقيلة هذه الصلاة؟! ولا ينهون صوم يوم من أيام رمضان إلا ويقولون كم هو مرهق هذا الصيام؟! ولا يزكون ويخمسون إلا ويضجون : لقد أفقرنا هذا الدين .. في حين كان عليهم أن يتحسّسوا هذه النعم الجسام ، ويحمدوا الله عزّ وجلّ على أن وفقهم لها ، ولكنه الجهل والتكبر والنفاق وحب الدنيا كل أولئك لا يدع الإنسان يعرف قيمة الرسالة ، ونفعها العميم للإنسان.
الثانية : نستشف من هذه المقطوعة الرائعة : «طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ» ان علينا أن ننفذ الأوامر الرسالية ونسعى جاهدين من أجل تحقيقها دون نقاش أو تبرير أو جدال أو معارضة ، لأنها صادرة من الله تبارك وتعالى. والواجب علينا أن نروض أنفسنا لتستجيب ونتفاعل مع الأحكام الالهية. ولكن كيف؟
من شاء أن يكون صادقا في المواقف الصعبة ، مستعدا لتحمل المسؤوليات الجسام ، فعليه أن يتدرّج في تربية نفسه شيئا فشيئا ، فأولا يعوّدها على تأدية الأعمال الصغيرة بصدق وجدّيّة ، ثمّ الأكبر منها فالأكبر ، حتى يرتقي الى مستوى عال فيؤدي الأعمال الكبيرة بكل صدق ورضى.
[٢٢] إنهم يهربون من القتال ، وإنما فرض الله القتال من أجل إصلاح الأرض ، وتكريس قيم المحبة ، فمن يتولّ عنه فسوف يقاتل ، ولكن في صفوف المنافقين ومن أجل نشر الفساد في الأرض وقطع الأرحام (ومخالفة قيم الخير والفضيلة). أو ليست الحياة صراعا ، ولا مفر منه ، ومن لم يقدم على اختيار جبهة الخير انساق الى جبهة الشر ، ولا مسافة بين الحق والباطل ، فمن لم ينفعه الحق أضره الباطل.