(وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ)
يتلذذون بشربها ، ولا يتأذون بها ولا بعاقبتها ، بخلاف خمر الدنيا التي لا تخلو من المرارة والسكر والصداع ، فاذا شربوها ازدادوا نشاطا وحيوية.
(وَأَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى)
خالص من الشمع والرغوة والقذى ومن كل ما يقلل من قيمته ، ومن جميع العيوب التي تكون لعسل الدنيا ، فهو حلوى يتذوقونها. أو ليس تشتهي النفس بعد الطعام الى الحلواء؟
هكذا تجري في الجنة هذه الأنهار تبعث البهجة والطمأنينة في نفوس أهل الجنة حيث لا يبقى في نفوسهم خوف من الجوع مستقبلا ، أو حرص على الطعام في الحاضر. أرأيت من يعيش على شاطئ الفرات الفائض هل يخشى العطش أو يحرص على تخزين الماء لمستقبله؟ كلا. هكذا أهل الجنة يبعث الله في نفوسهم الغنى بما تراه أعينهم من وفور النعمة.
(وَلَهُمْ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ)
لا يتناولونها بعد جهد وعناء كما في الدنيا ، لأنها متهدلة عليهم. يقول الرسول الأكرم (ص) بعد تلاوته للآية الكريمة : «وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلاً» : «من قربها منهم يتناول المؤمن من النوع الذي يشتهيه من الثمار بفيه ، وهو متكئ ، وإن الأنواع من الفاكهة ليقلن لولي الله : يا ولي الله! كلني قبل أن تأكل هذا قبلي» (١) وحيث كان يتحدث عن شجرة طوبى قال (ص) : «أسفلها ثمار أهل الجنة ، وطعامهم متذلل في بيوتهم ، يكون في القضيب منها مأة
__________________
(١) نور الثقلين / ج ٥ ـ ص ٢١٦