الملائكة : مالك يا وليّ الله؟ قال : فيقول : والله لقد كاد بصري أن يختطف
، فيقولون : يا وليّ الله أبشر فانّ الجنة ليس فيها عمى ولا صمم ، فأتى قصرا يرى
باطنه من ظاهره ، وظاهره من باطنه ، لبنة من فضة ، ولبنة ذهب ، ولبنة ياقوت ،
ولبنة در ملاطه المسك ، قد شرّف بشرف من نور يتلألأ ، ويرى الرجل وجهه في الحائط.
قال : وإنّ في
الجنّة لنهرا حافتاه الجواري ، قال : فيوحي إليهن الرب تبارك وتعالى : أسمعن عبادي
تمجيدي وتسبيحي وتحميدي ، فيرفعن أصواتهنّ بألحان وترجيع لم يسمع الخلائق مثلها قط
، فتطرب أهل الجنة ، وإنّه لتشرف على وليّ الله المرأة ليست من نسائه من السجف
فملأت قصوره ومنازله ضوءا ونورا ، فيظنّ وليّ الله أنّ ربّه أشرف عليه ، أو ملك من
ملائكته ، فيرفع رأسه فاذا هو بزوجة قد كادت يذهب نورها نور عينيه ، قال : فتناديه
: قد آن لنا أن تكون لنا منك دولة ، قال : فيقول لها : ومن أنت؟ قال : فتقول : أنا
ممّن ذكر الله في القرآن : «لَهُمْ
ما يَشاؤُنَ فِيها وَلَدَيْنا مَزِيدٌ» ، فيجامعها في قوّة مائة شاب ، ويعانقها سبعين سنة من
أعمار الأولين ، وما يدري أينظر إلى وجهها أم إلى خلقها أم إلى ساقها؟! فما من شيء
ينظر إليه منها إلّا رأى وجهه من ذلك المكان من شدّة نورها وصفائها ، ثم تشرف عليه
أخرى أحسن وجها وأطيب ريحا من الأولى ، فتناديه فتقول : قد آن لنا ان يكون لنا منك
دولة ، قال : فيقول لها : ومن أنت؟ فتقول : أنا من ذكر الله في القرآن : «فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ
ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ».
قال : وما من
أحد يدخل الجنّة إلّا كان له من الأزواج خمسمائة حوراء ، مع كلّ حوراء سبعون غلاما
وسبعون جارية كأنهنّ اللؤلؤ المنثور ، كأنهن اللؤلؤ المكنون (وتفسير المكنون
بمنزلة اللؤلؤ في الصدف لم تمسه الأيدي ، ولم تره الأعين ، وأمّا المنثور فيعني في
الكثرة) وله سبع قصور في كلّ قصر سبعون بيتا ، في كلّ بيت سبعون