المنافقين ، يفصّل السياق انسجاما مع الإطار العام للسورة المباركة ، ويبين هنا درجات الشهداء حيث يتقبّل الله أعمالهم ، ويهديهم ، ويصلح بالهم ، ويدخلهم الجنة التي وعدهم إيّاها وعرّفهم بها.
ويحرّض ربنا على الجهاد الذي يعتبره نصرا لدين الله ، بأن يعد المؤمنين بالتأييد الظاهر المتمثّل في النصر ، والباطن المتمثّل في تثبيت الأقدام.
كما ينذر الكافرين (الذين رفضوا قبول الرسالة ككل ، فلم يتبعوا الحق ، ولم يجاهدوا في سبيل الله) بزلزلة المواقف ، وعدم ثبات القدم ، كما بضياع الجهود ، وضلال الأعمال ، كما ينذرهم بإحباط العمل جزاء كرههم لما أنزل الله ، ويأمرنا بالسير في الأرض لنرى بأنفسنا هذه الحقيقة ، وكيف أنّ مخالفة الحق سبّبت في هلاكهم وتدميرهم كليّا.
بينات من الآيات :
[١] لماذا يضل الله أعمال الكافرين؟ وكيف تتلاشى جهودهم ، وتنهار مقاومتهم للرسالة الإلهيّة؟ أرأيت الذي يجدّ السير في اتجاه الشرق وهو يبتغي مدينة في الغرب ، هل يبلغ هدفه يوما؟ كذلك الذي يعاكس حركة التاريخ ، ويخالف سنن الله في الحياة ، ألم يخلق الله السموات والأرض بالحق ، فكيف يحقّق من ينشد الباطل هدفه؟
لقد جاهد المترفون من النصارى أكثر من ألف عام ليثبتوا للناس أنّ الجنس لعنة ، فهل استطاعوا تمرير ذلك؟ وحاول المادّيون أن يلغوا الجانب الروحي في الإنسان ، فهل قدروا؟ لماذا فشل هؤلاء وأولئك؟ لأنّهم ساروا في الاتجاه المعاكس لسنن الله ، لأنّ الله أودع في البشر الجنس ، كما فطره على الإيمان ، فهو لا يستطيع أن يتجرّد عن المادة كلّيّا ولا عن المعنويات ، فذهبت جهود القوم سدى ، لأنّها