وفي الحقيقة : لو يتفكّر الإنسان ويتعمق في واقع أمر الشركاء يعلم بفطرته أنّهم لا يغنون عنه شيئا ، ولكنّه يشبه ذلك الغريق الذي يتشبث بكلّ حشيش ، مع علمه بعدم جدوائيتها ، وإنّما يريد أن يقنع نفسه بأنّه يعمل على إنقاذها.
كلّا .. إنّ فطرة الإنسان تهديه إلى أنّ الشريك الذي يتخذه من أجل إنقاذ نفسه لا بد أن يكون ذا قوة كافية ، لا بد أن يخلق شيئا في الأرض (حتى يتساوى مع خالق الكائنات ولو بقدر محدود) أو يمتلك سلطة ما في إدارة السماوات.
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ)
وهم يعرفون ـ حقا ـ أنّ شركاءهم ليسوا كذلك ، ولا لهم علاقة بالله يوظّفونها لمصلحة المشركين إذا فأين حجتهم في ذلك؟
(ائْتُونِي بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا)
فأي كتاب من الكتب السماوية دلّ على أنّ لله شريكا؟
(أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ)
وأي بقيّة من بقايا العلم ، دلّت على أنّ له شريكا؟
(إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ)
إذا كان بامكانكم أن تأتوا ببرهان فأتوا به ، من كتاب يتلى أو حديث يروى؟
ولكن من لا برهان له يتشبّث بأفكار باطلة ، مع علمه بكذبها ، وإنّما لكي يخلّص نفسه من مواجهة الحقيقة المرّة ، وهذه ضلالة خطيرة ، فهو كمن يفقد عزيزا