آلاف فارس ، وهم من النسَّاك العبَّاد أصحاب البرانس ، فخرجوا عن الكوفة ، وتحزَّبوا ، وخالفوا عليّاً ـ كرَّم الله وجهه ـ وقالوا : لا حكم إلاَّ لله ، ولا طاعة لمن عصى الله ، قال : وانحاز إليهم ما ينيف عن ثمانية آلاف رجل ممن يرى رأيهم.
قال : فصار القوم في اثني عشر ألفاً ، وساروا حتى نزلوا بحروراء ، وأمَّروا عليهم عبد الله بن الكوَّاء.
قال : فدعا عليٌّ عليهالسلام بعبد الله بن عباس فأرسله إليهم ، وقال : يا ابن عباس! امض إلى هؤلاء القوم ، فانظر ما هم عليه ، ولماذا اجتمعوا؟
قال : فأقبل عليهم ابن عباس حتى إذا أشرف عليهم ونظروا إليه ناداه بعضهم ، وقال : ويلك يا ابن عباس! أكفرت بربِّك كما كفر صاحبك عليُّ بن أبي طالب؟
فقال ابن عباس : إني لا أستطيع أن أكلِّم كلَّكم ، ولكن انظروا أيّكم أعلم بما يأتي ويذر فليخرج إليَّ حتى أكلِّمه.
قال : فخرج إليه رجل منهم يقال له : عتاب بن الأعور الثعلبي حتى وقف قبالته ، وكأنَّ القرآن إنَّما كان ممثَّلا بين عينيه ، فجعل يقول ويحتجُّ ويتكلَّم بما يريد ، وابن عباس ساكت لا يكلِّمه بشيء ، حتى إذا فرغ من كلامه أقبل عليه ابن عباس ، فقال : إنّي أريد أن أضرب لك مثلا ، فإن كنت عاقلا فافهم.
فقال الخارجي : قل ما بدالك.
فقال له ابن عباس : خبرِّني عن دار الإسلام هذه ، هل تعلم لمن هي؟ ومن بناها؟
فقال الخارجي : نعم ، هي لله عزَّ وجلَّ ، وهو الذي بناها على أيدي أنبيائه عليهمالسلام وأهل طاعته ، ثمَّ أمر من بعثه إليها من الأنبياء أن يأمروا الأمم أن لا