السادس : نبيُّ الله هارون بن عمران عليهالسلام ، إذ يقول على ما حكاه الله تعالى عنه : ( قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي ) (١) فإن قلت : إنهم ما استضعفوه فقد كذَّبت القرآن ، وإن قلت : إنهم استضعفوه وأشرفوا على قتله فعليٌّ أعذر.
السابع : محمّد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، حيث هرب إلى الغار ، فإن قلت : إنَّه صلىاللهعليهوآلهوسلم هرب من غير خوف فقد كفرت ، وإن قلت : أخافوه وطلبوا دمه وحاولوا قتله فلم يسعه غير الهرب فعليٌّ أعذر (٢).
إنّ الأحكام الشرعيّة ـ يا عزيزتي ـ معلَّقة على حرِّيَّة المكلَّف واختياره ، فإنّ الله لا يجبر عباده على طاعته ، فكون علي عليهالسلام إماماً من قبل الله تعالى لا يعني أن تجبر الخلائق على اتباعه ( مَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ ) (٣) وهذا ما جرى على الأنبياء جميعهم ، وقال تعالى : ( أَفَكُلَّمَا جَاءكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ ) (٤) ، فالبيعة لعليٍّ لا يفرضها الله على عباده (٥) كما لم يفرض بيعة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ
__________________
١ ـ سورة الأعراف ، الآية : ١٥٠.
٢ ـ راجع : مناقب آل أبي طالب ، ابن شهر آشوب : ١ / ٢٣٢ ـ ٢٣٣.
٣ ـ سورة الكهف ، الآية : ٢٩.
٤ ـ سورة البقرة ، الآية : ٨٧.
٥ ـ يعني بالجبر والإكراه ، قال تعالى : ( لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ) البقرة ، الآية : ٢٥٦.