فتعجَّبت وقلت في نفسي : هؤلاء الذين نتّهمهم نحن بالخروج عن الدين يحافظون عليه أكثر منّا.
فقلت : اللهم صلِّ على محمّد وآله وصحبه أجمعين ، فتبسَّمت قليلا وقالت : تابعي ، فقلت لها : لأيِّ المذاهب ينتمي مذهبكم؟
قالت : المذهب الجعفريّ.
قلت : عجباً! ما هذا الاسم الجديد؟! نحن لا نعرف غير المذاهب الأربعة ، وما عداها فليس من الإسلام في شيء.
وابتسمت قائلة : عفواً ، إن المذهب الجعفري هو محض الإسلام المحض ، ألا تعرفين أن الإمام أبا حنيفة تتلمذ على يد الإمام جعفر الصادق عليهالسلام؟ وفي ذلك يقول أبو حنيفة : ( لولا السنتان لهلك النعمان ) (١).
فسكتُّ ولم أردَّ ، وقالت : إن المذاهب الأربعة أخذ بعضهم عن بعض ، فأحمد بن حنبل أخذ عن الشافعي ، والشافعي أخذ عن مالك ، وأخذ مالك عن أبي حنيفة ، وأبو حنيفة أخذ عن جعفر الصادق ، وعلى هذا فكلُّهم تلاميذ لجعفر بن محمّد عليهالسلام ، وهو أول من فتح جامعة إسلاميَّة في مسجد جدِّه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقد تتلمذ على يديه أكثر من أربعة آلاف محدِّث وفقيه.
وسألتني مقاطعة نفسها : أيَّ الأئمَّة تقلدين؟
قلت : الإمام أبا حنيفة!
قالت : كيف تقلِّدين ميِّتاً بينك وبينه قرابة أربعة عشر قرناً ، فإذا أردت أن تسأليه الآن عن مسألة مستحدثة فهل يجيبك؟
__________________
١ ـ التحفة الاثني عشرية ، الآلوسي : ٨ ، الإمام جعفر الصادق عليهالسلام ، عبدالحليم الجندي : ١٦٢.