لماذا تجعلهم واسطة بينك وبين الله؟ ألم تعلم أن الجاهليّين كانوا يعبدون الأصنام ، يستشفعون بها ، ويجعلونها واسطة بينهم وبين الله؟! وقد ناقضت نفسك حينما قلت : ( وأن النبيَّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وآله لا يملكون من عندهم شيئاً ، بل هم عباد مكرمون ، نزورهم ونستشفع بهم إلى الله تعالى كما أمرنا ) كيف تستشفع بهم وهم ( لا يملكون من عندهم شيئاً بل هم عباد مكرمون ) لقد خالفت المنهج الربَّانيَّ وسنَّة المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم من وجهين :
الوجه الأول : من مخالفة السنّة ; لأن الأموات لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضرّاً ، فما بالك بامتلاك النفع لغيرهم؟!
الوجه الثاني : مشابهة الكفار ، وقد نهينا عن مشابهتهم ، فهل بعد هذا تستشفع بهم؟ أرجو للجميع الهداية.
العاملي : سؤالك في أصله وجيه ، فلو كان الأمر لنا لقلنا : فلنطلب كل شيء من الله تعالى مباشرة ، ولا نجعل بيننا وبينه واسطة من المخلوقين ، ولكنَّ الأمر له عزَّ وجلَّ وليس لنا ، وقد قال لنا : ( اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ ) (١) ، وقال : ( أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ ) (٢) ، وقال : ( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ ) (٣) ولا حاجة إلى مجيئهم واستغفارهم عند الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، واستغفار الرسول لهم .. وهذا يعني أنَّه تعالى قال لرسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم كن موحِّداً بلا شرط ، ومهما قلت لك فأطعني ، وحتى لو قلت لك عندي ولد فاعبده فافعل وقل لهم : ( قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ
__________________
١ ـ سورة المائدة ، الآية ٣٥.
٢ ـ سورة الإسراء ، الآية : ٥٧.
٣ ـ سورة النساء الآية : ٦٤.