وروى بطريق آخر إلى ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم اثنان (١).
وذكرت له أن مسلماً روى في صحيحه هذا الحديث بلفظه ، وروى مسلم أيضاً في صحيحه الحديث الأول بطرق متعدِّدة ، وكان صحيح مسلم عنده فأتى به ، فأريته ذلك فيه ، وفي بعض طرقه : لا يزال هذا الدين عزيزاً (٢).
فقلت له : هذا عين ما تقوله الشيعة ، وشاهد بصحّة معتقدهم ، فلا يتمُّ إلاَّ على مذهبهم ، فيكونون هم الفرقة الناجية ; لأنهم هم المتمسِّكون بالخليفتين اللذين لن يفترقا حتى يردا الحوض ، القائلون بالاثني عشر خليفة ، الموادُّون أهل بيت نبيهم عليهمالسلام ، الذين جعل الله ودَّهم أجر الرسالة بقوله تعالى : ( قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ) (٣) فإن غير الشيعة لم يميِّزوهم ، بل قدَّموا غيرهم عليهم ، فلا يضرُّهم تلبيس المتلبِّسين بالشبهات ، ولا معاداة المعاندين.
ثمَّ باحثته في مسائل كلاميّة ، كالرؤية ، والقضاء والقدر ، وفي مسائل فرعيَّة كالمسح ، والمتعة ، وذلك بعد أن كان قد أذعن واستقرَّ الإيمان في قلبه ، وسبَّ أعداء أهل البيت عموماً ، لما تبيَّن له أحوالهم ، وما وقع منهم ، واتّضحت له حقيقة الحال ، وصار من خواصّ الشيعة.
ولله الحمد أولا وآخراً ، وظاهراً وباطناً ، وصلَّى الله على سيِّدنا محمّد وآله الطيِّبين الطاهرين إلى يوم الدين.
__________________
١ ـ صحيح البخاري : ٨ / ١٠٥ ، فتح الباري ، ابن حجر : ٦ / ٣٩٠ ، شرح مسلم ، النووي : ١٢ / ٢٠٠.
٢ ـ صحيح مسلم : ٦ / ٤ ، سنن أبي داوود : ٢ / ٣٠٩ ح ٤٢٨٠ ، مسند أحمد بن حنبل : ٥ / ٩٦.
٣ ـ سورة الشورى ، الآية : ٢٣.