من قربوس السرج ممتدّا إلى جانبى فم الفرس بهيئة وقوع الثوب فى موقعه من ركبتى المحتبى ممتدّا إلى جانبى ظهره ، ثم استعار الاحتباء ـ وهو جمع الرجل ظهره وساقيه بثوب أو غيره ـ لوقوع العنان فى قربوس السرج. فجاءت الاستعارة غريبة لغرابة الشبه.
______________________________________________________
باعتبار ذاتهما ، بل باعتبار الهيئتين. قال الشارح : شبه هيئة .. إلخ : إشارة إلى أن التشبيه ملحوظ من حيث الهيئة لكونها جامعا ولم يرد الاستعارة المركبة ، وبهذا تعلم أن قوله : واستعار الاحتباء لوقوع .. إلخ ، هو المطابق للمقام ، وأن قول الناصر اللقانى فى حواشى المطول : الأولى : واستعار هيئة الاحتباء لهيئة وقوع العنان فى القربوس ليطابق ما قبله لا يوافق المرام ـ انتهى.
والحاصل : أن المشبه به فى الحقيقة هو الاحتباء ـ وهو ضم الرجل ظهره وساقيه بثوب وشبهه كالحبل ـ والمشبه الذى نقل له لفظ الاحتباء هو إلقاء العنان على القربوس لأجل ضم رأس الفرس إلى جهته ، وقد اشتمل كلّ منهما على هيئة تركيبية لاقتضائه محيطا مربعا ومضموما إليه مع كون أحد المضمومين أرفع من الآخر ، وهذه الهيئة نشأت فى التعقل من إيقاع العنان أو الثوب مثلا فى موقعه ـ الذى هو القربوس ـ وضم الفرس فى الأول والظهر والساقين فى الثانى ، فحيث قلنا : شبه إلقاء العنان على القربوس لأجل ضم فم الفرس لجهته بضم الساقين للظهر ، فذلك التشبيه إنما هو باعتبار الهيئة المذكورة التى تضمنها كلّ منهما ؛ لأن بها يظهر التشبيه ، وأما ذات الفعلين من غير اعتبارها ، فلا يتضح فيه التشبيه ، فالتشبيه هنا واقع بين مفردين باعتبار ما تضمنه كلّ منهما من الهيئة ، لا أنه واقع بين هيئتين كما توهمه السائل ، ومعلوم أن تضمن كلّ من الطرفين المفردين هيئة لا يخرجه عن كونه مفردا كما تقدم فى تشبيه العنقود بالثريّا ، بخلاف ما إذا كان كلّ منهما هيئة ، فإنه يكون مركبا فظهر كون المثال من قبيل الاستعارة الإفرادية لا التمثيلية ، وأن قول الشارح : شبه هيئة .. إلخ على حذف مضاف أى : شبه لازم هيئة .. إلخ ـ فتأمل.
(قوله : من قربوس السرج) يجوز أن تكون من بيانا لموقعه ؛ لأن القربوس موقع العنان ، وأن تكون تبعيضية ؛ لأن الموقع بالفعل بعض القربوس ـ والأول أظهر (قوله : لغرابة الشبه)