(والمجاز) فى الأصل [مفعل] من : جاز المكان يجوزه ، إذا تعداه ، نقل إلى الكلمة الجائزة ـ أى : المتعدية ـ مكانها الأصلى ، أو المجوز بها [على معنى أنهم جازوا بها وعدوها مكانها الأصلى] ـ كذا فى أسرار البلاغة.
وذكر المصنف : أن الظاهر من قولهم : جعلت كذا مجازا إلى حاجتى ـ أى : طريقا لها ، ...
______________________________________________________
بداية الكلام عن المجاز
(قوله : فى الأصل مفعل) أى : أنه باعتبار أصله مصدر ميمىّ على وزن مفعل ، فأصله مجوز نقلت حركة الواو للساكن قبلها ، ثم تحركت الواو بحسب الأصل ، وانفتح ما قبلها بحسب الآن فصار مجازا ؛ لأن المشتقات تتبع الماضى المجرد فى الصحة والإعلال وهم قد أعلّوا فعله الماضى وهو جاز فلذلك أعلّوا المجاز (قوله : من جاز المكان) أى : مشتق من جاز المكان ، وهذا ظاهر على أن الاشتقاق من الأفعال كما يقول الكوفيون ، وأما على مذهب البصريين من أن الاشتقاق من المصدر فيقدر مضاف أى : مشتق من مصدر جاز وهو الجواز ؛ لأن المصدر المزيد يشتق من المجرد ويصح أن يقدر مأخوذ من جاز المكان ، ودائرة الأخذ أوسع من دائرة الاشتقاق (قوله : نقل) أى : لفظ مجاز فى الاصطلاح إلى الكلمة .. إلخ ، وحاصله : أن لفظ مجاز فى الأصل مصدر معناه الجواز والتعدية ، ثم إنه نقل فى الاصطلاح من المصدرية إلى الكلمة المستعملة فى غير ما وضعت له باعتبار أنها جائزة ومتعدية مكانها الأصلى فيكون اسم فاعل ، أو باعتبار أنها مجوز بها ومتعدىّ بها مكانها الأصلى فيكون اسم مفعول ، إذا علمت هذا فقول الشارح الجائز بيان للمناسبة بين المنقول والمنقول إليه لا أنه من تتمّة المنقول إليه ؛ لأن المنقول إليه الكلمة المستعملة فى غير ما وضعت له ، فمراد الشارح : أنه نقل إلى الكلمة باعتبار كونها جائزة ومتعدية مكانها الأصلى ، وكذا يقال فى قوله الآتى : أو المجوز بها أى : أو نقل إلى الكلمة باعتبار كونها مجوزا بها (قوله : على معنى .. إلخ) أى : حالة كون الكلمة المجوز بها ملتبسة بمعنى أنهم .. إلخ وأتى الشارح بهذا إشارة إلى أن الباء فى قوله : المجوز بها للتعدية لا للسببية (قوله : وذكر المصنف .. إلخ) حاصله : أن لفظ مجاز فى الأصل مصدر ميمىّ بمعنى مكان