على أن معنى" جاز المكان" : سلكه ، فإن المجاز طريق إلى تصور معناه.
______________________________________________________
الجواز والسلوك وهو نفس الطريق مأخوذ من قولهم : جعلت كذا مجازا لحاجتى أى : طريقا لها ، ثم نقل ذلك اللفظ فى الاصطلاح إلى الكلمة المستعملة فى غير ما وضعت له باعتبار كونها طريقا إلى تصور المعنى المراد منها لاتصافها بمعناها الأصلى ؛ لأن المجاز بمعنى الكلمة المذكورة طريق إلى تصور المعنى المراد منها ، والحاصل : أن لفظ مجاز مصدر ميمى يصلح للزمان والمكان والحدث ـ فاتفق المصنف والشيخ عبد القاهر على أنه لا يصلح أن يكون المجاز المستعمل فى الزمان منقولا هنا ؛ لعدم المناسبة بينه وبين المنقول إليه ـ أعنى : الكلمة المستعملة فى غير ما وضعت له ـ ثم اختلفا ، فقال المصنف : المنقول هنا هو المستعمل اسم مكان ، وقال الشيخ عبد القاهر : المنقول هنا هو المستعمل فى الحدث ، وإنما استظهر المصنف ما ذكره ؛ لأن استعمال المصدر الميمىّ بمعنى اسم الفاعل أو اسم المفعول مجاز بخلاف استعماله اسم مكان.
(قوله : أنه) أى : لفظ مجاز مشتق أو مأخوذ من قولهم على ما مرّ (قوله : على أن معنى) أى : بناء على أن معنى جاز المكان سلكه ووقع جوازه فيه لا بمعنى أنه جاوزه وتعداه ، وحينئذ فالمجاز معناه محل الجواز والسلوك وهو نفس الطريق (قوله : فإن المجاز .. إلخ) علّة لمحذوف أى : ثم نقل للكلمة المستعملة فى غير ما وضعت له ؛ لأن المجاز بمعنى الكلمة المذكورة طريق .. إلخ فهذا إشارة لبيان المناسبة بين المنقول عنه والمنقول إليه ، والحاصل : أنه على هذا القول لم يعتبر فى الكلمة المنقول إليها كونها جائزة أو مجوزا بها ، بل كونها محلّا للجواز بخلاف القول الأول ، لا يقال الحقيقة كذلك طريق إلى تصور معناها فلتسمّ مجازا بهذا الاعتبار ؛ لأنا نقول ما ذكر وجه للتسمية وترجيح لهذا الاسم فى هذا المعنى على غيره وهو لا يقتضى اطّراد التسمية فى كل ما وجد فيه ذلك الوجه المعتبر ؛ لأنه إنما اعتبر لإنشاء التسمية على وجه الخصوص بالمسمى كما لا يلزم انتفاء ذلك الوجه ، بخلاف اعتبار المعنى فى وصف شىء بشىء ، فإنه يقتضى اطّراد الوصف فى كل ما وجد فيه ذلك المعنى وينتفى وصفه به عند انتفاء ذلك المعنى ؛ لأن ذلك المعنى اعتبر لصحة إطلاق الوصف والحقيقة ، وإن وجد فيها المعنى المذكور وهو كونها طريقا