لا يقال : معنى قوله : بنفسه أى : من غير قرينة مانعة عن إرادة الموضوع له ، أو من
غير قرينة لفظية ؛ فعلى هذا يخرج من الوضع المجاز دون الكناية ؛ لأنا نقول : أخذ
الموضوع فى تعريف الوضع فاسد للزوم الدور ، ...
______________________________________________________
فالقرينة فى الكناية من جملة الدالّ كالمجاز ، وحينئذ فلا وجه لإخراج أحدهما دون الآخر (قوله : لا يقال) أى : فى الجواب عن المصنف على هذه النسخة أولا يقال فى دفع السهو عليها ، وحاصله جوابان : ـ تقرير الأول : أن يقال : نختار الاحتمال الثانى ولا نسلم ما ذكره من الفساد ، ومعنى قوله : فى تعريف الوضع بنفسه أى : من غير قرينة مانعة عن إرادة الموضوع له وليس معناه من غير قرينة مطلقا كما تقدم ، وحيث كان معناه ما ذكر فيخرج المجاز دون الكناية ؛ لأن المجاز فيه تعيين اللفظ للدلالة على المعنى بواسطة القرينة المانعة عن إرادة الموضوع له ، وأما الكناية ففيها تعيين اللفظ ليدل بنفسه لا بواسطة القرينة المانعة ؛ لأن القرينة فيها ليست مانعة عن إرادة الموضوع له ، فيجوز فيها أن يراد من اللفظ معناه الأصلى ولازم ذلك المعنى فقول المعترض : لأنه لا يدل عليه بنفسه ، بل بواسطة القرينة ممنوع. وتقرير الثانى : أن يقال : نختار الثانى ولا نسلم ما ذكر من الفساد ومعنى قوله : فى تعريف الوضع بنفسه أى : من غير قرينة لفظية ، وحينئذ فيخرج المجاز دون الكناية ؛ لأن المجاز قرينته لفظية والكناية قرينتها معنوية فقول المعترض : لأنه لا يدل عليه بنفسه ، بل بواسطة القرينة مسلم ، لكن المراد القرينة المعنوية لا اللفظية المعتبرة فى المجاز ـ فتأمل.
(قوله : فعلى هذا) أى : ما ذكر من الجوابين (قوله : لأنا نقول .. إلخ) هذا ردّ للجواب الأول (وقوله : وكذا حصر .. إلخ) رد للجواب الثانى.
(قوله : أخذ الموضوع) أى : اللازم من كون المراد قرينة مانعة عن إرادة الموضوع له (قوله : للزوم الدور) وذلك لتوقف معرفة الوضع على معرفة الموضوع لأخذه جزءا فى تعريفه ، وتوقف معرفة الموضوع على معرفة الوضع ؛ لأن الموضوع مشتق من الوضع ومعرفة المشتق متوقفة على معرفة المشتق منه ، نعم لو قيل : إن معنى قوله بنفسه أى : من غير قرينة مانعة عن إرادة المعنى الأصلى لاندفع الدّور لكن ذلك لا يفهم