لأنه قد عين للدلالة على كلّ من المعنيين بنفسه ، وعدم فهم أحد المعنيين لعارض الاشتراك لا ينافى ذلك ؛ فالقرء ـ مثلا ـ عيّن مرة للدلالة على الطهر بنفسه ، ومرة أخرى للدلالة على الحيض بنفسه فيكون موضوعا ، وفى كثير من النسخ بدل قوله : دون المشترك : دون الكناية ، وهو سهو ؛ لأنه إن أريد أن الكناية بالنسبة إلى معناها الأصلى موضوعة فكذا المجاز ضرورة أن الأسد فى قولنا : رأيت أسدا يرمى ـ موضوع للحيوان المفترس ، وإن لم يستعمل فيه. وإن أريد أنها موضوعة بالنسبة إلى معنى الكناية ـ أعنى : لازم المعنى الأصلى ـ ففساده ظاهر ؛ لأنه لا يدل عليه بنفسه ، بل بواسطة القرينة.
______________________________________________________
إذا استعمل فى أحدهما ، والمراد بالمشترك ما وضع لمعنيين أو أكثر وضعا متعددا اتحد واضعه أو تعدد (قوله : لأنه قد عين للدلالة على كلّ من المعنيين بنفسه) أى : لفهمهما منه بدون القرينة وحينئذ فقرينته إنما هى لتعيين المراد وفهمه بخصوصه بخلاف المجاز ، فإن القرينة فيه محتاج إليها فى نفس الدلالة على المعنى المجازىّ (قوله : أحد المعنيين) أى : على أنه مراد (قوله : بالتعيين) أى : حالة كون ذلك الأحد ملتبسا بالتعيين (قوله : لعارض الاشتراك) إضافته بيانية أى : لعارض هو اشتراك المعانى فى ذلك اللفظ الذى عيّن للدلالة عليها وهو علّة لعدم الفهم (قوله : لا ينافى ذلك) أى : تعيينه للدلالة على كلّ من المعنيين بنفسه ، والجملة خبر عن قوله : وعدم فهم .. إلخ (قوله : فيكون موضوعا) أى : فيكون المشترك موضوعا لكلّ منهما بوضعين على وجه الاستقلال فإذا استعمل فى أحدهما واحتيج إلى القرينة المعينة للمراد لم يضرّ ذلك فى كونه حقيقة ؛ لأن الحاجة إلى القرينة فيه لتعيين المراد لا لأجل وجود أصل الدلالة على المراد (قوله : وهو سهو) أى : من الناسخ أو من المصنف (قوله : إن أريد أن الكناية) أى : اللفظ الكنائى.
(قوله : فكذا المجاز) أى : وحينئذ فلا وجه لخروج المجاز عن كونه موضوعا دون الكناية (قوله : وإن أريد أنها) أى : الكناية بمعنى اللفظ الكنائىّ (قوله : لأنه لا يدل عليه بنفسه) أى : لأنه لو كانت الكناية موضوعة للازم المذكور لكانت الكناية خارجة عن فن البيان ؛ لأن دلالتها حينئذ ليست عقلية ، بل وضعية (قوله : بل بواسطة القرينة) أى :