بمن يرقم على الماء) فإنك تجد فيه من تقرير عدم الفائدة ، وتقوية شأنه ما لا تجده فى غيره ؛ لأن الفكر بالحسيات أتم منه بالعقليات ؛ لتقدم الحسيات ، وفرط إلف النفس بها.
______________________________________________________
وفى عبد الحكيم : من لا يحصل من سعيه على طائل بمعنى : من لا يبقى لأجل سعيه على طائل ، فعلى صلة يحصل كذا يستفاد من الأساس حيث قال : حصل عليه من حقّى كذا أى : بقى عليه منه كذا ـ اه.
(قوله : بمن يرقم) بابه نصر أى : يخطط على الماء كان ذلك التخطيط كتبا أو تزويقا.
(قوله : فإنك تجد) أى : تعلم (وقوله : فيه) أى : فى هذا التشبيه المخصوص (وقوله : من تقرير عدم الفائدة) أى : من تقرير المتكلم عدم الفائدة الذى هو حال المشبه (وقوله : وتقوية شأنه) أى : شأن عدم الفائدة الذى هو الحال.
(قوله : ما لم تجده) مفعول تجد أى : شيئا لا تجده فى غيره أى : من التشبيه بالمعقول (قوله : لأن الفكر) هو فى الأصل التأمّل ، والمراد به هنا الجزم أى : لأن الجزم بالأمور الحسية أتمّ من الجزم بالأمور العقلية والشىء وإن كان معلوما يقينا كحال المشبه إلا أن تمثيله بالمحسوس يفيد زيادة قوة ؛ لأن الإلف بالمحسوسات أتم منه بالعقليات (قوله : لتقدم الحسيات) علة للأتميّة أى : لتقدم الحسيات فى الحصول عند النفس على العقليات ؛ لأن النفس فى مبدأ الفطرة خالية عن العلوم ، ثم بعد إحساسها بالجزئيات بواسطة الآلات وتنبهها لما بينها من المشاركات والمباينات إجمالا يحصل لها علوم كلية هى العقليات (قوله : وفرط) أى : شدة إلف النفس بها ومما يؤيد ما ذكره الشارح أنك لو أردت وصف يوم بالطول ، فقلت : هذا يوم كأنه لا آخر له. لم يكن فى تأثيره فى النفس طول ذلك اليوم مثل قول الشاعر حيث شبهه بالمحسوس.
ويوم كظلّ الرّمح قصّر طوله |
|
دم الزّقّ عنّا واصطكاك المزاهر (١) |
__________________
(١) البيت لابن الطثرية فى ديوانه ص ٨١ ، ولسان العرب (صفف) وأساس البلاغة (رمح) وورد (واصطفاف) مكان (واصطكاك).