(وفيما) أى : والمركب الحسى فى التشبيه الذى (طرفاه مركبان كما فى قول بشار(١):
كأنّ مثار النقع) من : أثار الغبار : هيجه (فوق رءوسنا وأسيافنا ليل ...
______________________________________________________
من متعدد فيصدق حتى على مجموع المقيد والقيد خلافا لما يفهم من الشارح ، وأتى بقوله : والتقييد لا ينافى : إلخ دفعا لما يتوهم من أن المشبه به هو عنقود الملّاحية حين كان كذا فهو مركب لا مفرد (قوله : أى والمركب الحسى) أى : ووجه الشبه المركب الحسى فى التشبيه الذى طرفاه مركبان (قوله : كما فى قول بشار) أى : كوجه الشبه الذى فى قول بشار بن برد (قوله : كأن مثار النقع) مثار ـ بضم الميم ـ اسم مفعول من أثار الغبار : هيجه وحركه ، والنقع : الغبار ، والإضافة من إضافة الصفة للموصوف أى : كأن الغبار المثار أى : المهيج والمحرك من أسفل لأعلى بحوافر الخيل (وقوله : فوق رءوسنا) أى : المنعقد فوق رءوسنا ، وأنشد ابن جنى فى مجموعه" فوق رءوسهم وأسيافنا" ، وكذلك أنشده الخفاجى فى سر الفصاحة ، وابن رشيق فى العمدة ، وهذه الرواية أحسن من جهة المعنى ؛ لأن السيوف ساقطة على رءوسهم فلا بد أن يكون النقع على رءوسهم ليحصل التشبيه ـ كذا فى عروس الأفراح ، وفى الأطول : مثار النقع اسم مفعول وإضافته لما بعده بيانية ولو جعل كأن للتشبيه لم يكن المحذوف من أركان التشبيه إلا الوجه ، وإن جعل للظن كانت أداة التشبيه أيضا محذوفة ويكون كقولهم : أظن زيدا أسدا فيكون أبلغ ، وهكذا كل تشبيه مشتمل على كلمة كأن ـ اه.
(قوله : وأسيافنا) الواو بمعنى مع فأسيافنا مفعول معه والعامل فيه مثار ؛ لأن فيه معنى الفعل وحروفه ولم تجعله منصوبا بـ كأن عطفا على اسمها وهو مثار لئلا يتوهم أنهما تشبيهان مستقلّان كل منهما تشبيه مفرد بمفرد ، وأن المعنى : كأن النقع المثار ليل وكأن أسيافنا كواكبه ، وهذا لا يصح الحمل عليه لما صرحوا به من أنه متى أمكن حمل التشبيه على المركب فلا يعدل عنه إلى الحمل على المفرد ؛ لأنه تفوت معه الدقة التركيبية المرعية فى وجه الشبه ، ولأن قوله : " تهاوى كواكبه" تابع لليل ؛ لأنه صفة له فتكون الكواكب
__________________
(١) البيت لبشار بن برد ، ديوانه ١ / ٣١٨ ، والمصباح ١٠٦ ، ويروى [رءوسهم] بدل [رءوسنا].