فالمعنى على الاستقبال حتى أن قولنا : إن أكرمتنى الآن فقد أكرمتك أمس ـ معناه : إن تعتد بإكرامك إياى الآن فأعتد بإكرامى إياك أمس ، وقد تستعمل إن فى غير الاستقبال قياسا مطردا مع كان نحو : (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ)(١) كما مر ، ...
______________________________________________________
أحدا معينا وهو جملة الجزاء (قوله : فالمعنى على الاستقبال) أى : فالمعنى لا تمكن المخالفة فيه بخلاف اللفظ ، فإنه قد يخالف لنكتة (قوله : حتى إن قلنا إلخ) مبالغة فى كون المعنى على الاستقبال ، فكأنه قال : فالمعنى على الاستقبال حتى فى هذا المثال المتوهم فيه عدم الاستقبال بسبب التقييد بالآن والأمس ، ولما كان ظاهر الجملتين أنهما ماضويتان لفظا ومعنى احتيج فيهما لهذا التأويل لئلا تنخرم القاعدة (قوله : إن تعتد) أى : إن تعد إكرامك إياى الآن وتمن به علىّ فأعتد بإكرامى إياك أمس أى : فأعده وأمنّ به فالاعتداد الواقع شرطا وجزاء استقبالى والآن والأمس ظرفان للإكرام لا للاعتداد ، قوله : فأعتد إلخ : هو بصيغة المضارع أو الأمر بناء على ما جوزه الشارح من كون الجزاء قد يكون إنشاء بلا تأويل ؛ وذلك لأنه لما كان الغرض من الجزاء بيان ما يترتب على الشرط صح كونه أمرا لدلالته على الحدث فى الاستقبال ، فيجوز أن يترتب على الشرط بخلاف الشرط ، فإنه مفروض الصدق فى الاستقبال فلا يكون إنشاء (قوله : وقد تستعمل إن فى غير الاستقبال) أى : وهو الماضى حقيقة أى : لفظا ومعنى ذلك فيما إذا قصد بها تعليق الجزاء على حصول الشرط فى الماضى ، ولا يقال هذا ينافى قوله سابقا ، أما الشرط فلأنه مفروض الحصول فى الاستقبال ؛ لأنا نقول هذا فيما إذا استعملت للتعليق فى المستقبل كما هو فى الغالب ، واعلم أنه كما إن قد تستعمل فى غير الاستقبال قد تستعمل إذا للماضى نحو : (حَتَّى إِذا ساوى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ)(٢) وللاستمرار نحو : (وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا)(٣) (قوله : (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ)(٤)) فيه إنه إن كان المعلق عليه حقيقة هذا الفعل فهو مشكل ؛ لأن المعلق مستقبل ولا يمكن تعليقه بالماضى ، وإن كان التقدير : وإن ثبت فى المستقبل كونكم مرتابين فيما مضى فأتوا بسورة إلخ ،
__________________
(١) البقرة : ٢٣.
(١) البقرة : ٢٣.
(٢) الكهف : ٩٦.
(٣) البقرة : ١٤.